وأمّا إذا قصده ، ولكنه لم يأت بها بهذا الداعي ، بل بداع آخر أكّده بقصد التوصل ، فلا يكون متجرّئا أصلا.
وبالجملة : يكون التوصل بها إلى ذي المقدمة من الفوائد المترتبة على المقدمة الواجبة ، لا أن يكون قصده قيدا وشرطا لوقوعها على صفة الوجوب ، لثبوت ملاك الوجوب في نفسها بلا دخل له فيه أصلا ، وإلا لما حصل ذات الواجب ولما سقط الوجوب به ، كما لا يخفى.
ولا يقاس على ما إذا أتى بالفرد المحرّم [١] منها ، حيث يسقط به الوجوب ،
______________________________________________________
الغيري ، لأنّ الامتثال عبارة عن الإتيان بمتعلّق أمر بداعوية ذلك الأمر ، وقد تقدّم أنّ داعوية الأمر الغيري إلى متعلّقه تتبع داعوية الأمر النفسي إلى متعلّقه ، فما دام لم يقصد التوصّل لا يكون للأمر الغيري داعوية. وثانيهما أنّ المكلّف بقصد التوصّل يعدّ آخذا في امتثال الواجب النفسي فيستحقّ المزيد من المثوبة على الواجب النفسي ، لصيرورته بذلك القصد من أشقّ الأعمال ، على ما تقدّم.
وفيه : أنّ مجرّد غسل الثوب أو البدن مع قصد الصلاة بعد ذلك لا يعدّ شروعا في امتثال الأمر بالصلاة ، مع أنّ الصلاة أوّلها التكبير وآخرها التسليم ، وهذا يشبه القول بأنّ شراء اللحم من السوق بقصد أكله بعد الطبخ ، شروع في الطبخ أو الأكل ، كما لا يخفى. وأمّا دعوى داعوية الأمر الغيري تتبع لداعوية الأمر النفسي فقد تقدّم (١) ما فيها ، فلا نعيد.
[١] قد التزم الشيخ قدسسره بالإجزاء فيما إذا أتى بالمقدّمة من غير قصد التوصّل ولكنّه خصّص الوجوب الغيري بما إذا أتى بها بقصده ، وقاس الإتيان بذات المقدّمة
__________________
(١) تقدّم في ص ٥٤٦ من هذا الكتاب.