ثمّ إنّي لما دخلت في السنة الخامسة أخذتني والدتي قدّس سرّها إلى امرأة تركية [زوجة أحد تلامذة حضرة الشيخ الوالد قدّس سرّه] (١) فالتمست منها أن تعلّمني القرآن المجيد فأبت ، فردتّني والدتي رحمة الله عليها إلى دارنا آيسة ، فلمّا كان من الغد جاءت المرأة بين الطلوعين تبكي بكاء شفقة وفرح وقالت : إنّ الصدّيقة الكبرى سلام الله عليها أمرتني في الطيف (٢) بأن أُعلّم عبدالله القرآن الشريف .. فأخذتني معها وأخذت تعلّمني القرآن ، وقد كان من آثار ذلك الطيف أنّها كانت تحبّني حبّاً لم أر مثله حتّى من الأمّ لولدها ، ومن جملة ذلك ; أنّها كانت ـ عجوزة ومع ذلك ـ تجلس في ظهر نهار الصيف وتنوّمني وبيدها مروحة تروّحني بها وهي تنعس من غلبة النوم .. ولذا إلى الآن لم أترك ذكرها بالخيرات والنيابة عنها في الزيارات وقراءة القرآن لها.
ثمّ إنّي لما ختمت القرآن المجيد اشتغلت ببعض الكتب الفارسية ومقدّمات العربية من الصرف والنحو .. [و] لم يوجد لي معلم مُربّي فحار الوالد قدّس سرّه والتجأ إلى أن يباحث لي [كذا] بنفسه .. فباحث لي من باب الإضافة من شرح السيوطي إلى باب الإخبار بـ (الّذي) ، فاطّلع على ذلك أحد تلامذته قدّس سرّه ـ وهو الشيخ التقي النقي الصالح الزاهد الفاضل العالم الشيخ هاشم الأرونقي الكافي الملكي(*) رضوان الله تعالى عليه ـ فالتمس الوالد قدّس سرّه
__________________
(١) الزيادة مزيدة من تنقيح المقال.
(٢) أي في المنام والحلم.
(*) أرونق : صقع من توابع تبريز ، وكافي الملك : قرية ، ولهذا الشيخ شرح لطيف على خلاصة] الحساب للشيخ [البهائي قدّس سرّه استنسختها بيدي ، وشرح للمسائل الحسابية من وصايا التذكرة ، وقد توفي قدّس سرّه في غرة شهر رمضان سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وعشرين سنة وفاة والدي قدّس سرّه. [منه (قدّس سرّه)].
أقول : هو الشيخ هاشم بن زين العابدين التبريزي الأرونقي النجفي (نحو ١٢٦٠ ـ