إن خالفته كفرت ، وإن أطعته بقيت مذنباً .. فتأمّلت هويناً.
ثمّ خطر ببالي رؤيا لي سابقة ، وأنّ لي معهم قرابة ورحمية ، فصعدت من غير استئذان اعتماداً على الرحمية ، بانياً على العود إن نهاني .. فلم ينهنِ عليه السلام ، فصعدت ووجدته جالساً رافعاً ركبته اليمنى وواضعاً كفه عليها وضامّاً رجله اليسرى إلى فخذه ، فسلّمت عليه ، فردّ علىّ السلام ، فقبّلت يده ، ثمّ أردت أن أقبل رجله فأراد أن يمتنع فالتمسته فأذن لي ، فقبّلت رجله ، ثمّ عرضت بحضرته المباركة باللسان التركي ما ترجمته : يا سيدي! وحقِّك لم أكن أعرفك في النظرة الّتي نظرت إليك غير مؤدّب .. فتبسّم عليه السلام ، وقال : «نعم ; حبك لنا وإخلاصك محرز ..» ، فطلبت منه العفو فعفا.
فلمّا انصرفت ومشيت أقداماً قهقرى تذكرت أنّي منذ سنين كنت عازماً على الإتيان بعمل أمّ داود لأن أرى أحد الأئمّة عليهم السلام في المنام فيتفل بحلقي لينشرح صدري ، وكانت العوائق تمنعني عن الإتيان به بذلك القصد ; لأ نّي عملته سنة لبرء الوالد قدّس سرّه من مرض وجع المعدة الّذي كان مؤذياً له فارتفع ، وسنة لبرء عين الوالدة قدّس سرّها فبرئت ، فقلت في نفسي : هذا الإمام الصادق عليه السلام رئيس الفقه وقد لقيته فأطلب منه حاجتك تلك ، فإن شاء أجاب وإلاّ فلا ، وعلى التقديرين يسقط عنك تعب العمل ، فرجعت إليه وجلست بين يديه والتمست منه أن يتفل بحلقي ، فنظر إليّ وتبسّم ، وقال : «ائتني بشفتيك أقبلهما عوض التفلة».
فقلت : سيدي! أريد أن يدخل ريقك في جوفي لينشرح بذلك صدري.
فقال عليه السلام : «إذا كان لا بد لك من ذلك فهات أضع لساني في فيك فمصّه».
فقلت : سمعاً وطاعة ، فأخرج قليلاً من لسانه فوضعه في فمي ، فاستقللت