ذلك ، فوضع جميع لسانه الشريف في فمي ، فأخذت أمصّه وأنا واضع يديّ إلى الأرض جالس جلسة التشهد تأدّباً ، وكنت أحسّ فى حال المصّ أنّ الريق لا يدخل المعدة وإنّما في داخل حلقومي ثقب يدخل الريق منه في العروق ، وكنت أنظر إلى عروق يدي إلى أن وجدت أنّي قد شبعت ، وأنّ العروق قد امتلأت من ذلك حتّى كادت عروق يدي تشق الجلد ، فأخرجت لسانه الشريف من فمي.
فقال عليه السلام : «شبعت؟».
فقلت : نعم.
فقال : «ائتني بشفتيك لأقبّلهما» ، فقربت شفتي من فيه الشريف فقبلهما ، وقمت.
ومن غاية سروري على نيل المرام انتبهت من النوم ، فوجدت أنّ الصبح قريب ، فحمدت الله تعالى على ذلك وشكرت ، فإنّ ذلك من فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده والله ذوالفضل العظيم.
وممّا وجدت من أثر ذلك ; أنّي إلى تلك الليلة لم أكن أتمكن في تمام اليوم والليلة ـ باستثناء ضروريات المعاش ـ من تحرير أزيد من ورقتين تصنيفاً ، ومن صبيحة تلك الليلة صرت أصنّف في كلّ يوم وليلة ثماني أوراق إلى أسبوع ، ثمّ بعد ذلك إلى أن سافرنا إلى خراسان صرت أصنّف في كلّ يوم وليلة عشر أوراق ـ الّتي هي أربعمائه وخمسون بيتاً تقريباً ـ مع ما كان عليّ من قضاء جملة من مطالب الشيخ الوالد قدّس سرّه من تحرير أجوبة المكاتيب ومعاونته في المراجعة لتحرير أجوبة الاستفتاءات .. ونحو ذلك ، وإلاّ فلو فرّغت نفسي لذلك لصنّفت في كلّ يوم وليلة ثمانمائة بيت تقريباً ، كما اتفق لي ذلك كثيراً ، ومن لاحظ تاريخ مجلّدات المنتهى بان له صدق ما قلته ، حيث إنّي