حتّى نقل قدّس سرّه أنّه كان آخر من ينام بالليل من بين سكّان مدرسة حسن خان (١) ـ الّتي هي إلى جنب الصحن الشريف الحسيني صلوات الله على من حلّ به وأصحابه ـ.
وكان صاحب الفصول رحمه الله مواظباً لأموره ، حاثّاً له على الاشتغال ، وكان يعيّن للتدريس له خاصّة فضلاء تلامذته.
ومن لطيف ما نقله قدّس سرّه : إنّه مضى يوماً إلى الشيخ صاحب الفصول ـ بعد فراغه قدّس سرّه من التدريس ـ فالتمس منه تعيين أستاذ يباحث له الشرح المطوّل للتفتازاني ، فقال له الشيخ قدّس سرّه : هل في نظرك أحد؟ فقال : نعم ، أرجوكم تأمرون الشيخ عبدالرحيم ـ وهو من أجلّ تلامذته ـ بذلك ، فأرسل الشيخ رحمه الله إليه وجلبه وأمَره بأن يباحث له المطوّل ، قائلا : إنّ أباه كان عالماً نحريراً وأرجو أن يكون هو كذلك .. فامتثل المأمور وأخذ يباحث له المطوّل ، وقد كان محل مباحثته في اليوم الأوّل مشتملا على قول التفتازاني في شرح قول الشاعر :
هذا أبوالصقر فرداً في محاسنه(٢) |
|
……………………. |
إنّ (فرداً) حال أو صفة مقطوعة.
فأورد عليه الشيخ الوالد قدّس سرّه بأنّ المطابقة بين الصفة والموصوف في أربعة من عشرة لازمة ، و (فرداً) هنا نكرة و (أبو الصقر) معرفة ، فعجز الأستاذ عن الجواب ، وقد كان الوالد قدّس سرّه قبل ذلك قد وجد في حاشية
__________________
(١) ذهبت هذه المدرسة في الشارع المحيط بالصحن الحسيني الشريف وبقيت منها بقية ملاصقة للصحن الشريف من جهة الشرق ، قاله الشيخ جعفر محبوبة في ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٥٢ (الحاشية).
(٢) المطوّل : ٧٧ (من طبعة قم ـ مكتبة السيّد المرعشي) ، والبيت لابن الرومي ، وعجزه : من نسل شيبان بني الضال والسلم.