على هذا الكتاب ..؟! ولم يهتدِ فكري إلى وسيلة ، فانكسر قلبي ورقّ وجرت دموعي وتوسلت بالحجّة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وقلت له : سيدي! إنّي لأجلكم أجهد وأتعب وهذا العمل لكم ولذا فالمفروض أن تساعدوني في ذلك .. وكأ نّي ألهمت أن أنظر بين مجموعة من الكتب الممزّقة والأوراق الباطلة المتراكمة في زاوية الرفِّ من الغرفة .. وقد سبق قبلاً ـ أكثر من مرّة ـ أنّي قد فتّشتها ولم أكن أحتمل أن يكون مطلوبي فيها .. وفعلاً بادرت إليها وبحثت فيها ، وفجأة حصلت على كتاب التهذيب وقد كتب بخطّ جيّد ، فرفعته فوراً واستفدت منه ، وكان الكتاب عندي بضعة أيام ، ونقلت ما احتجته من مطالبه ، وبعد الفراغ من حاجتي منه فقدته! وكلّما بحثت عنه لم أجده .. إلى هنا كلام الشيخ الطبسي رحمه الله.
إلاّ أنّي بعد ذلك وجدت عبارة له قدّس سرّه تنقل القصة نصّاً ، وقد جاءت على الصفحات الأوّلى من تنقيح المقال (١) ـ وسننقلها في محلّها ـ يقول فيها : ومن غريب آثار التوفيق أنّي كلّما أردت وجدان مطلب في كتاب وجدته نصب عيني بمجرد فتحه ، وقلّ ـ بل ندر ـ تعطيلي في الفحص عنه.
ثمّ قال : واتفق لي أوائل اشتغالي به ليلة من الليالي الطوال أنّي احتجت ـ ثلاث ساعات تقريباً قبل الفجر ـ رهن التهذيب ، ولم يكن عندي ، فرأيت بقاء خمس ساعات إلى طلوع الشمس ولا يمكنني أن أتعطل ولا أن أحرّر بغير مراجعة التهذيب ، فحصل لي من ذلك انقطاع غريب إلى مولانا الحجّة المنتظر عجل الله تعالى فرجه وجعلنا من كلّ مكروه فداه .. وكان عندنا مقدار كتب وقفية قطعات بالخطوط القديمة الرديّة في النحو والصرف والتفسير وغيرها ،
__________________
(١) تنقيح المقال ١/٣ من الطبعة الحجرية.