وكانت متروكة ، لأ نّا فحصنا عنها [كذا] مراراً فلم نجد فيها ما ينتفع به ، وما كنت أحتمل بوجه وجود التهذيب فيها ، فقمت من حيث لا أشعر ومضيت إلى تلك الكتب ومددت يدي وتناولت كتاباً منها ، وإذا هو قطعة من التهذيب بخطّ جيّد في خصوص الرهن ، فنقلت منه موضع الحاجة.
ثمّ قال : ومن الغريب أنّي فحصت عنه بعد ذلك مراراً عديدة فلم أجده! فعلمت أن ذلك كان لطفاً مخصوصاً منه أرواحنا فداه ..
* * *
* وبعد ذاك ; فالمامقاني رجل ضخم بعلمه ، وعالم فذّ بشخصه ، ورجل مثالي في دينه وسلوكه ومسلكه ، ولا أغالي لو قلت إنّه عبقري يشح الزمن علينا بأمثاله بما له من ذكاء حادّ ، واستعداد فطري ، ونبوغ خاص و .. وشاهده وبرهانه قلمه ودرسه وسلسلة مؤلّفاته ومكتبته ، ممّا يكشف عن تضلّعه في التاريخ والحديث والكلام والعلوم الأدبية والرياضية فضلاً عن الفقه والأصول والرجال والدراية وغيرها .. فقد كان متخصصاً فيها ملمّاً برموزها ونكاتها ، ممّا لفتت إليه أنظار من عاصره ، وحسده جمع ممّن ناوأه! وكانت له مركزية مرموقة علماً وعملاً ، وكمالات نفسانية ومزايا فاضلة.
وهو ـ يعد كلّ هذا ـ صورة صادقة للسلف الصالح في سيره العملي وإخلاصه اللامتناهي في كلّ خطاه العلميّة والعمليّة ، ونكرانه الذات ، وزهده عن حطام الدنيا ، وإعراضه عن زخارف الحياة ومظاهرها الخلاّبة.
فقد قنع بالحقّ من دنياه وتحزب له وجاهد من أجله ، ولم تأخذه في ذلك لومة لائم.
كما أنّه قد توقّف في الشبهات مع كلّ ما لاقاه من أجل ذلك ، فلذا تجده