في ذلك الزمان ، واعتلّ مزاجه أيضاً ، فرأى أن يسافر إلى بلاد قفقاز ـ وكان بناؤه على الاشتغال بالوعظ بأجرة في تلك البلاد ـ لكونها بلاد غربة ـ لعلّ الله تعالى يرزقه ما يفي به دينه ، واتّفق أنّه حين وروده إلى كلّ من تلك البلاد وجد هناك واحداً أو متعدّداً من تلامذته ، وعظّموا قدره ، وبالغوا في إجلاله ، فأستحيا من الإقدام إلى ما نوى فاشتغل بالوعظ مجاناً ولم يقبل منهم شيئاً إلى أن رجع كما مضى ، وقد كتب في سفره ذلك أجزاء في الوعظ والأخبار(١) ، وأرّخ زمان نزوله بـ : قلعة شيشة بـ : غرة شهر ذي القعدة الحرام من سنة ألف [ومائتين] وستّ وستّين ، ونزوله بـ : نخجوان (*) بـ : الثالث والعشرين من شهر محرّم الحرام من سنة ألف ومائتين وسبع وستين ونزوله بـ : گنجة (٢) بشهر رجب من تلك السنة (٣).
والّذي يظهر من رسالة استنسخها في تبريز في مدرسة الحاج صفر عليّ
__________________
(١) وقد سرق هذا الكتاب ـ ككثير ممّا كان للاُسرة ـ من قبل بعض من يمسّ بالعائلة برحمية وعلقه ، إلاّ انّه قد حصلنا عليه ـ ولله الحمد والمّن ـ بلطف مساعي ابن عمتنا المبجّل حجّة الإسلام والمسلمين سماحة السيّد محمّد عليّ الميلاني حفظه الله ورعاه ، وذلك في شوال من سنة ١٤١٩ هـ بعد أن مضى على غيبته أكثر من نصف قرن!!
وقد ختمنا الكتاب ببعض صور منه.
(*) هي من البلاد العظيمة القديمة وهي الآن صغيرة ، وأصلها نقشجهان كما لا يخفى على من راجع القاموس وغيره. [منه (قدّس سرّه)].
انظر : القاموس المحيط ٤/٣٩٥ ، وفي معجم البلدان ٥/٢٧٦ قال : نَخْجُوان بالفتح ، ثمّ السكون ، وجيم مضمومة ، وآخره نون ، وبعضهم يقول : نقجوان ، والنسبة إليها نَشَوِيّ على غير أصلها ، بلد بأقصى آذربيجان .. وقد ذكر في موضع اُخر.
وانظر : مراصد الاطّلاع ٣/١٣٦٣.
(٢) قال في مراصد الاطلاع ٣/١١٨٠ : كَنْجَه بالفتح ، ثمّ السكون ، وجيم : مدينة عظيمة هي قصبة بلاد أرّان ، وأهل الأدب يسمّونها جَنْزَة .. إلى آخره. وانظر معجم البلدان ٤/٤٨٢.
(٣) انظر هذه الصفحات فيما الحقناه بالكتاب من الصور والآثار.