الحلال .. فاعتذِرْ منها بأنّك محتاجها للسكنى .. فقال قدّس سرّه : إنّ عين هذه المرأة وراء هذه الدار ، وأتتني راجية لأن أردّها إليها .. فعدم إجابتها خلاف همّة الرجوليّة .. فأخذ المبلغ المسطور منها من غير زيادة وأقال البيع وردّها إليها ، واشترى به داراً صغيرة غير كافية لسكنانا ، ثمّ اندان بعد ذلك فباع الدار وأوفى ديونه ، وأغلب تلك الديون أيضاً صارت عليه من علوّ همتّه وكرمه.
ومنها : إنّه جاءته هديّة خطيرة ، فلمّا أن سلّم الواسطة الدنانير وأخذ ورقة وصولها غلب عليه الطمع فأظهر الحاجة .. فأعطاه قدّس سرّه جميع تلك الدنانير ، والحال أنّه قدّس سرّه كان يومئذ مديوناً (١) فوق الثمانين ليرة ، فسئل عن وجه عطائه ، فقال : إنّي كنت أعلم عدم فقر الواسطة ، لكنّه لكونه عزيز قوم ولم يعرف قدر ماء وجهه ، وكانت الدنانير مالي ولم تكن من الحقوق كرهت أن يذهب ماء وجهه هدراً!.
ومنها : إنّه أتى شخص من متمولي مامقان إلى زيارته قدّس سرّه ، فلمّا جلس زماناً أخرج كيسه وفرّغه في كفّه وأخذ منه شيئاً يسيراً وأتى بالباقي إليه قدّس سرّه ، وقد كان ما في يده ذهباً وفضةً ويده بهما مملوءة ، فلمّا نظر قدّس سرّه إليه رأى أنّ في يده نوع حركة واحتمل أن يكون عطاؤه حياءً فامتنع من قبوله .. وكلمّا ألحّ ذلك الرجل عليه لم يقبله ، مع كونه قدّس سرّه يومئذ في غاية الإفلاس والاضطرار.
ومنها : إنّه توفّي ذو مال من تجار الترك ولم يكن له إلاّ بـنت واحـدة ، وقـد كان أوصى بأن تزوّج البنت من حضرة الأخ وتسلّم امواله إليه ، فلمّا
__________________
(١) الظاهر : مديناً.