وكان إذا رأى من شخص تكليفه بما لا يشرع ارتعدت فرائسه (١) ، وانتفخت أوداجه ، وغضب غضباً شديداً.
وكان يطلب من السيّد البيّنة على سيادته; فإن أقامها أكرمه وأعطاه عطاءً جميلا ، وإن أصرّ على أن يأخذ بغير بينة صاح عليه صيحة منكرة ، وقال : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ الّذي أتى بالخمس والزكاة والصدقة ـ أمر بالتثبت وطلب البينة.
ولقد تحمل من السادة وغيرهم ممّن لم يكن يعطيه ـ لعدم ثبوت سيادته أو فقره أو ثبوت عدمهما عنده ـ أذايا دون تحملها خرط القتاد ، وكان تحمّل الأذايا منهم أهون عليه من إيصال الحقوق إليهم ، ولم يكن يستعمل الحيل الشرعية مثل إقباض حقّ السادة من السيّد وأخذه منه وصرفه في غير السادة ، وإقباض مال الفقراء من الفقير وأخذه منه وصرفه في غير المستحق شيئاً ، ويقول : إنّ ذلك خلاف المصلحة الداعية إلى تشريع الخمس للسيّد والزكاة والصدقة للفقير.
ولم يكن يرتكب ما تداوله جمع من مصالحة من عليه شيء من الحقوق بأقلّ ممّا عليه ، وكان يقول : إنّ ذلك تفويت لمال الفقراء ، وقيل له مراراً : خذ البعض من باب الاستنقاذ ، فأجاب بأ نّه : إغراء لمشغول الذمة بالجهل ; لأ نّه يزعم أنّه برئت ذمته فلا يؤدي الباقي ، والإغراء بالجهل قبيح ، وأنا ولي الفقراء
__________________
ـ ولا يبقي لنفسه وعياله منها شيئاً ، وكان تبلغ خمسين ألف تومان في السنة أو تزيد ، وكان إذا جاء حقّ في الليل يوزعه في ساعته ولا يبقيه إلى الصباح.
(١) كذا ، والصحيح : فرائصه ، والفرص هي اللحمة الّتي بين جنب الدابة وكتفها ولا تزال ترعد ، ويراد بها عصب الرقبة وعروقها; لانّها هي الّتي تثور عند الغضب .. ويقال : ترعد فرائصه .. أي ترجف من الخوف ، لاحظ : النهاية ٣/٤٣١ ـ ٤٣٢ ، والصحاح ٣/١٠٤٨ وغيرهما.