وكان قدّس سرّه يمنع تلامذته وغيرهم من المشي معه ، وكان إذا لحقه أحد يقف ويقول : ما مطلبك؟ فإن كان له مطلب أجابه بما يقتضي وتوادع معه ، وإن قال : إنّي ماش بخدمتكم ، اعتذر منه بأنّي أريد أن أمشي وحدي ، وكان يعلّل فعله هذا بأنّ للناس معي مطالب لا يحبّون اطلاع غيري عليها ، فإذا كان معي أحد امتنع العفيف من بيان حاجته فيلزمني أن أمشي وحدي حتّى يبيّن لي كلّ ذي حاجة حاجته (١).
وكان يدخل الحمّام كأحد من الناس (٢) ويدلك رجليه بالحجر بيده ، وكان
__________________
ـ إليه ، ومن يومها تاب وأصبح من الصالحين ، وكان يتحدّث بسبب هدايته وأ نّه رحمه الله لم يهمه القتل بقدر ما كان يهمه استقبال القبلة عند الاحتضار ..!!
حكى لي أيضاً الاخ الشيخ محمّد عليّ المعزي المراغه اي عن السيّد الشريعتي الأصفهاني ـ صهر السيّد عليّ الفاني ـ قال : كنت بخدمت والدي في أصفهان في حافلة (درشكه) ، وفي الطريق ركبها رجل له وضع غير منظم ولباس غير مناسب ، وهو حليق اللحية .. ثمّ قبل يد والدي .. وبعدها كرّر الوالد ارسال الرحمة للشيخ محمّد حسن المامقاني أكثر من مرّة ـ فاستغربت من ذلك .. وعندما سألته في البيت عن ذلك ، قال : هذا الرجل كان معنا في النجف الأشرف من طلاب الشيخ محمّد حسن رحمه الله ، وكان فقيراً ، فتوسطت له عند الشيخ لمساعدته ، فطلب رؤيته ، فعرّفته عليه بعد الدرس ، فدخل الدار ، وخرج ومعه كيساً فيه (اشرفية) ودفعها لي وقال : تصرّف بها كيف تشاء فهو ملكك .. وأنا لا أعطي هذا شيئاً أبداً والأمر لك في المال .. فكان مصداق : «المؤمن ينظر بنور الله».
(١) قال شيخنا الطهراني في الطبقات (الكرام البررة) ١/٤١٠ : .. وكان لا يرضى أن يحمل أمامه ضياء .. ثمّ علّق عليه في الحاشية بقوله : .. وكان من عادة النجفيين أن يحملوا سراجاً (فانوساً) أمام العلماء والعظماء والأشراف ويسمّونه (فنراً) ، وقد كان إلى ما قبل عقدين من السنين ... وكان المترجم لا يرضى بحمل هذا السراج أمامه ; وذلك كراهة منه للظهور والبروز ، جرياً على سيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.
(٢) وممّا نقل لي في هذا الباب أنّه دخل الشيخ الجدّ قدّس سرّه إلى الحمّام العمومي قبل صلاة الفجر ، وكان ذلك في يوم زيارة ـ ولعلّها أيام النيروز ـ وقد ازدحمت النجف ـ