في أيام عسره قدّس سرّه ، وتحملت من الفقر ما شاء الله تعالى ، وخدمت والدي خدمة لا يعقل صدور مثلها من زوجة بالنسبة إلى زوجها ، حتّى أنّها بعد ما صارت صاحبة خدّامات كانت مقيّدة بأن تخدم الشيخ قدّس سرّه بنفسها مخافة أن لا تحسن غيرها خدمته ، وقد كان كلّ منهما كالعاشق بالنسبة إلى الآخر ، ولعمري أنّها كانت أشبه النساء بجدتها خديجة الكبرى سلام الله عليها ، وقد سمعت من والدي قدّس سرّه مراراً أنّه قال : لولا والدتك لكنت الآن عالم مامقان.
وقد كانت رضوان الله عليها حسنة الخلق ، رؤوفة بالفقراء والضعفاء ، منكسرة متواضعة ، تقية متدينة ، غير مستأنسة بالحليّ والثياب الفاخرة ، كثيرة البكاء في التعزية والبقاع المطهرة ، عاشقة لأهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين ، مواظبة على حفظ مال الزوج ، ذات شفقة خارقة على أولادها وأقاربها ، لم أر فيها خصلة ردية مكروهة شرعاً ، وكانت مستورة إلى الغاية ، متجنبة عن محاورة الأجانب ، وقد نقلت لي أنّها لم تذق أشهر حملها بي وإرضاعها إياي شيئاً من طعام الناس المُهدى إليها.
وقد تمرضت عند مراجعتنا من سفر خراسان عند خروجنا من نيسابور بمرض القولنج ، وبقي المرض معها إلى أن وصلنا إلى أرض قرية تسمّى بـ : (مهر) وهي بعد بلدة سبزوار ممّا يلي طهران بمنزلين ، فتمرضت حين نزولنا بها بعد الفجر بيسير بمرض الوباء ، وكلّما أمكنني من صدقات وختوم ونذور وأدعية ونحوها فعلت ، حتّى أنّي صلّيت ركعتين صلاة الحاجة وطلبت من رب الأرباب جلّ شأنه أن يفديها ببنتين كانتا لي ، فلم يستجب ولم ينفع.
وقد ارتحلت إلى رحمة الله تعالى ورضوانه ظهيرة يوم الأحد عاشر شهر جمادى الأولى من سنة ألف وثلاثمائة واثنتين وعشرين ، وأمّـنّاها هناك ، ثمّ