نقلنا جنازتها إلى المشهد [كذا] الغري ، ودفنّاها في شهر شعبان سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وعشرين في مقبرتنا خلف والدي قدّس سرّه بفصل ذراع اتخذته لنفسي قبراً لرؤيا رأيتها بعد فوت الشيخ قدّس سرّه ، حيث إنّي رأيت كأ نّي به قدّس سرّه وهو مستلق في قبره ووجهه الشريف ولحيته المباركة خارجان من الكفن ، فلمّا رآني تبسم وضرب بيده إلى يساره من الأرض وقال : هلاّ تنام معي؟ فإنها من أحسن الأمكنة ، فزعمت (١) أنّه يريد أن يأخذني إليه عاجلاً فاستدرك وقال : ليس غرضي أن تكون معي عاجلا ، بل بعد أزمنة كثيرة كثيرة كثيرة ، وإنّما غرضي أنّ المكان نعم المكان ، وأ نّي مدّخرها (٢) لك ، فلمّا أتي بجنازة والدتي قدّس سرّهما دفنتها خلفي لأكون بينهما ، ولم أحب أن أترك امتثاله قدّس سرّه.
وقد كنت أيام وفاتها أنشدت أبياتاً كنت أكررها وأبكي ومنها هذه :
إنّ الّتي كان عليها وجدي |
|
قد ذهبت وخلّفتني وحدي |
يا ليتني متّ ولم ألفها |
|
موضوعة الخدّ على اللحد |
لكن ما قضى به ربّنا |
|
يأبى عن التبديل والردّ (٣) |
__________________
(١) كذا ، والظاهر : فضنت.
(٢) كذا ، والظاهر : مدخره.
(٣) لا يُعرف الشيخ الجد طاب ثراه بالشعر والشاعريّة ، وقد ارتاد هذا الفنّ بلغتيه العربية والفارسية .. وكان فيه عالماً شاعراً أكثر من كونه شاعراً عالماً .. وله أكثر من ارجوزة فقهية وغيرها ، وعلّق في موسوعته تنقيح المقال ١/٣٦١ ـ ٣٦٢ (الطبعة الحجريّة ذيل ترجمة حكم بن العبّاس الكلبي) وهو القائل :
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة |
|
ولم ار مهدياً على الجذع يصلب |
واجيب عليه باجوبة منها :
صلبتم لنا زيداً على جذع نخلة |
|
ومهدينا عمّا قليل سيصلب |
سفهتم فما قسنا عليّاً بنعثل |
|
وأ نّى يساوي اخبث الناس أطيب |