وأنت خبير بما فيه من الغرابة ؛ لأنّ السؤال تضمن ذكر السجدة وهو راكع فكيف يأتي بها. وأعجب منه قول شيخنا قدسسره بعد نقل الجواب : وهو بعيد.
فإن قلت : ما وجه التوقف في مفهوم الموافقة؟
قلت : من وجهين. أحدهما : عدم ثبوت العلة كما هو رأي المحققين وعليه اعتماد شيخنا قدسسره (١). وثانيهما : بتقدير العلّة لا يخلو إمّا أن تكون مستنبطةً أو منصوصةً ، فالأُولى ليست حجة عند الأصحاب ، والثانية تقتضي عدم اعتبار كون المسكوت عنه أولى من المنطوق كما هو الشرط في مفهوم الموافقة.
وقد يمكن أن يوجه ثبوت العلّة من حيث قوله : « حتى تصح لك ثنتان » فإنّ مقتضى هذا اعتبار صحة الركعتين ، بمعنى خلوّهما من النقص ، وفي هذه العلّة يتحقق مع يقين الترك ، وغير بعيد إثبات الحكم في صورة اليقين بالعلّة وإن لم يسمّ مفهوم الموافقة.
فإن قلت : لو كانت العلّة ما ذكر لزم أنّ كل خلل وقع في الأوّلتين يبطل ، والحال أنّه غير واضح.
قلت : لا مانع من القول به فيما لم ينعقد الإجماع على خلافه ، وفي الظن أنّ هذا الخبر إذا انضم إلى ما قدّمناه من الأخبار الدالة على أنّ اليقين في الأوّلتين معتبر وحفظهما كذلك ، أفاد تأكيداً واضحاً لصحة ما ذهب إليه البعض (٢) ، فليتأمّل.
وربما يقال : إنّ ظاهر الخبر المبحوث عنه أنّ من ترك السجدة يقيناً
__________________
(١) المدارك ٤ : ٢٤١.
(٢) كالمفيد في المقنعة : ١٤٥.