وانصرف هند وعبد الله وتخلّف معه أبو بكر ، والكفّار يرصدون عليّا وهو نائم على الفراش وهم يظنّون أنّه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجاءهم إبليس لعنه الله وقال لهم : إنّ محمّدا خرج ومضى وقد ألقى على رءوسكم التراب. فضرب كلّ واحد منهم يده الى رأسه فوجد التراب عليه فهجموا على النائم فوجدوه عليّا عليهالسلام ، فركبوا (١) في طلبه الصعب والذلول فلم يجدوه.
فلمّا كانت العتمة من الليلة المقبلة انطلق عليّ عليهالسلام وهند حتّى دخلا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الغار ، فأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا عليهالسلام بأداء أمانته ، حتى أدّى الجميع ، فكان مقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الغار ثلاثا (٢) ، وقيل ستّة. وكان علي يأتيه بالزاد في كلّ ليلة. وكانت هجرته يوم الاثنين ، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة.
وقال محمّد بن إسحاق : لمّا خرج النبيّ عليهالسلام مهاجرا تبعه سراقة بن جعشم مع خيل له ، فلمّا رآه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا عليه ، فكانت قوائم فرسه ساخت حتى تغيّبت فتضرّع الى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى دعا له وصار الى وجه الأرض ، فقصد كذلك ثلاثا والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : [ يا ] أرض خذيه ، فإذا تضرّع يقول : دعيه ، فحلف بعد الرابعة أن لا يعود الى ما يسوء (٣).
وفي رواية : واتبعه دخان حتى استغاثه ، فدعا له ، فانطلقت الفرس ، فعذله أبو جهل ، فقال سراقة :
أبا حكم واللات لو كنت شاهدا |
|
لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه |
عجبت ولم نشكّك بأنّ محمّدا |
|
نبيّ وبرهان فمن ذا يكاتمه |
عليك فكف الناس عنه فإنّني |
|
أرى أمره يوما ستبدو معالمه (٤) |
وذكر الطبري في أحاديث الهجرة : انّ أبا بكر أحضر راحلتين ليركباهما من الغار الى المدينة ، فلمّا قرّب أبو بكر الراحلتين الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قرّب له
__________________
(١) وفي الأصل « فركب ».
(٢) الى هنا في المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٧١.
(٤) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٧١.