واما الموقف الثالث : وهو الاستصحاب ـ فلأن موضوعه هو الشك في بقاء الحالة السابقة ، ومن الواضح ان وجود الخبر الذي نشك في حجّيته لا يصيرنا عالمين بارتفاع الحالة السابقة ـ وهي عدم وجوب الدعاء قبل بزوغ الهلال ـ حتى يمتنع جريان الاستصحاب.
واما الموقف الرابع ـ وهو اطلاق الدليل الاجتهادي ـ فلأن الاطلاق حجّة فيلزم التمسك به الاّ مع قيام حجّة اخرى مقيدة له ، والمفروض ان الخبر الذي بايدينا نشك في حجّيته ولا نجزم بها.
وبهذا اتضح انه عند الشك في حجّية الخبر مثلا لا يتغير الموقف العملي.
اقامة الدليل على نفي الحجّية :
انّا فيما سبق لم نقم دليلا على سلب الحجّية عن الخبر عند الشك في حجّيته بل اقصى ما ذكرنا انه لا موجب لتغيّر الموقف العملي لمجرّد الشك في الحجّية ، والآن نحاول اقامة الدليل على سلب الحجّية.
وتقريبه : ان لدينا حكمين ظاهريين :
أ ـ حجّية الخبر الدال على وجوب الدعاء عند رؤية الهلال.
ب ـ البراءة من وجوب الدعاء عند رؤية الهلال.
وكل واحد من هذين الحكمين ينافي الآخر ، فان البراءة تدل على اهمية المصلحة في نفي الوجوب بينما حجّية الخبر تدل على اهميّة مصلحة الوجوب ، وحيث لا يمكن ان تكون كلتا المصلحتين اهم فاللازم من ذلك ان يكون الدليل الدال على ثبوت احد هذين الحكمين دالا بالالتزام على نفي الحكم الآخر ، وبما ان البراءة قد دل الدليل عليها جزما وهو مثل حديث « رفع عن امتي ما لا يعلمون »