ايجاد الحدث مرة واحدة. وما هذا الفرق الا من جهة ان الامر يقتضي ايجاد الطبيعة ، ووجودها يحصل بوجود فرد واحد منها ، بينما النهي يقتضي عدم الطبيعة ، وعدمها لا يتحقق الا بعدم جميع افرادها ، والفارق المذكور تكوينى وليس شرعيا ، فانه تكوينا وعقلا تحصل الطبيعة بالفرد الواحد ولا تنعدم الا بعدم جميع الافراد.
التنبيه الرابع :
وقبل توضيح التنبيه المذكور لا بد من استذكار نقطتين تقدمتا في الحلقة الاولى هما :
١ ـ ان الحكم له مرتبتان : مرتبة الجعل ومرتبة المجعول ، ومرتبة الجعل تعني انشاء الحكم وتشريعه ، فان جعل الحكم عبارة اخرى عن انشائه وتشريعه كقوله تعالى « وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ ... » فانه يستفاد منه تشريع وجوب الحج على المستطيع ، وهذا التشريع هو الجعل. واما اذا صار الحكم فعليا ـ وذلك عند تحقق الاستطاعة بالفعل للمكلف ـ سمي بالمجعول. فالحكم الانشائي هو الجعل والحكم الفعلي هو المجعول ، وقد تقدم ذلك في الحلقة الاولى صفحة (١٥٦).
٢ ـ بعد ان عرفنا ان المجعول عبارة عن الحكم الفعلي قد يسأل : متى يصير الحكم فعليا؟ انه يصير فعليا عند صيرورة موضوعه فعليا ، فقبل تحقق الاستطاعة بالفعل لا يكون الحكم الثابت الا انشاء وجوب الحج على تقدير الاستطاعة ، وبعد تحقق الاستطاعه بالفعل وصيرورة الموضوع فعليا يتحول الحكم من كونه انشائيا الى الفعلية ، ففعلية الحكم اذن بفعلية موضوعه. وقد تقدم هذا في الحلقة الاولى صفحة (١٥٨).