رأي السيّد الشهيد :
والسيد الشهيد وافق المشهور في تفصيلهم بين الامارة والاصل ، فالامارة حجّة في لوازمها غير الشرعيّة دون الاصل ، ولكن الوجه في ذلك ليس هو ما افاده الميرزا فانه مبني على رأيه في كون المجعول في الامارة هو العلمية والرأي المذكور مرفوض فان الفارق المذكور فارق على مستوى الصياغة والالفاظ فتعبير الدليل اذا كان بمثل قوله الخبر علم وكاشف كان امارة وان عبّر بالوظيفة العملية كان اصلا ، والصحيح ان الفارق جوهري واعمق من الالفاظ ، ولئن كان هناك فارق لفظي فهو نابع من الفارق الجوهري.
وحاصل الفارق : ان الحكم الظاهري يرجع في روحه الى الحكم الناشىء عن الملاك الاهم ، فالمولى شرّع الاباحة للماء والحرمة للخمر فاذا عرف المكلّف ان السائل ماء كان حكمه واضحا وهو الاباحة واذا عرف انه خمر كان حكمه واضحا ايضا وهو الحرمة ، اما اذا تردد ولم يعلم انه ماء او خمر فعلى المولى تشريع حكم له. ولكن ماذا يشرّع له؟ لا بد له من الموازنة بين مصلحة الاباحة ومفسدة الحرمة فان كانت الاولى اهم في نظره شرّع الاباحة لكل سائل مشكوك وقال : « كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام » وان كانت الثانية هي الاهم شرّع الاحتياط. اذن الاباحة والاحتياط حكمان ظاهريان ناشئان من الملاك الاهم.
وبعد معرفة حقيقة الحكم الظاهري لا بد من معرفة الفارق بين الامارة والاصل. ان الامارة والاصل يشتركان في كونهما حكمين ظاهريين ناشئين من الملاك الاهم بيد ان اهمية الملاك في الامارة ناشئة من قوة الكشف وفي الاصل ناشئة من قوة المحتمل في نفسه.
مثال الامارة : خبر الثقة فان المولى اعتبره حجّة بما انه يكشف عن