الدور. وفي الصورة الثانية يقيد الحكم الفعلي بالعلم بالتشريع ، فيقول المولى : اذا علمت بتشريع الحكم كان ثابتا عليك بالفعل ، وهذه الصورة ممكنة ولا يلزم فيها محذور الدور ، وهي ما يعبّر عنها بتقييد المجعول (١) بالعلم بالجعل (٢) ، بخلافه في الصورة السابقة حيث يقيد المجعول بالعلم بنفس المجعول. وما نشعر بامكانه بالوجدان هو الصورة الثانية ، وما قلنا بلزوم محذور الدور فيه هو الصورة الاولى.
ثمرة البحث :
وبعد ان عرفنا استحالة اختصاص الحكم بالعالم نعرج على ثمرة البحث المذكور.
ان الاحكام اذا كانت عامة لجميع الناس فلازم ذلك ان الامارة والاصل اللذين يتمسك بهما المكلف حالة جهله بالحكم الواقعي قد تصيبان وقد تخطئان ، فان الاحكام الواقعية ما دامت ثابتة حالة الجهل فالامارة وهكذا الاصل قد تصيبها وقد لا تصيبها ، غاية الامر في حالة عدم الاصابة يكون المكلف معذورا وغير مستحق للعقاب لانه اتبع ما جعله الشارع حجة عليه. وتسمى هذه الحالة ـ أي حالة كون الامارة مصيبة تارة ومخطئة اخرى ـ بمسلك التخطئة ، وهو كما اتضح لا يعني كون الامارة مخطئة دائما ، بل يعني انها قد لا تصيب الواقع احيانا.
وهناك مسلك آخر معاكس تماما لمسلك التخطئة يسمى بمسلك التصويب ، وهذا المسلك له شكلان :
__________________
(١) المجعول : عبارة اخرى عن الحكم الفعلي.
(٢) الجعل : عبارة اخرى عن التشريع أو الحكم الانشائي.