التنبيه الثالث :
هناك اختلاف واضح بين الامر والنهي ، ففي النهي تتعدد الحرمة بعدد افراد المتعلق ، فاذا قيل لا تكذب وكان عدد الكذبات ١٠٠ انحل النهي الى ١٠٠ حرمة ، فاذا كذب المكلف كذبة واحدة كان عاصيا لحرمه واحدة وممتثلا لـ (٩٩) حرمة ، هذا في النهي. واما الامر فلا يحصل فيه هذا الانحلال ، فالوجوب في خطاب « صل » وجوب واحد متعلق بصلاة واحدة واذا خالف المكلف ولم يصل فلا يستحق الا عقابا واحدا.
وسبب هذا التعدد هناك وعدمة هنا هو الشمولية هناك والبدلية هنا ، فان متعلق النهي في مثل لا تكذب حيث انه شمولي ـ فان قرينة الحكمة تقتضي كون المقصود من الكذب جميع افراده لا كذبة واحدة ـ فاللازم تعدد الحرمة بعدد افراد المتعلق ، وهذا بخلافه في متعلق الامر ، فان قرينة الحكمة حيث انها تقتضي البدلية فيه وان المقصود صلاة واحدة من بين افراد الصلاة فاللازم ان يكون الحكم المستفاد حكما واحدا متعلقا بصلاة واحدة لا اكثر.
وباختصار : ان الحكم في النهي يتعدد بعدد افراد المتعلق بخلافه في الامر فانه لا يتعدد.
اجل بعض النواهي لا يتعدد فيها الحكم وذلك فيما اذا كان المتعلق غير قابل للتكرار كما في مثل « لا تحدث » فان الحدث لا يقبل التكرار ، فمن بال صار محدثا واذا بال ثانية او نام لا يصير محدثا ثانيا او ثالثا. ولكن رغم ان الحكم لا يتعدد في مثل النهي المذكور يبقى الفارق بين الامر والنهي ثابتا ، فاذا قيل « لا تحدث » فالحرمة وان كانت واحدة الا ان امتثالها لا يحصل الا بترك الحدث بجميع افراده واسبابه بان يترك البول والنوم والجنابة وغير ذلك بينما اذا قيل « احدث » كفى