أ ـ ان يفرض ان الله سبحانه لم يسجل في حق الجاهل شيئا من الاحكام وانما ينتظر اخذ المكلف بالامارة ، فان اخذ بها وقالت ان صلاة الجمعة واجبة مثلا سجل في حق الانسان المذكور وجوب صلاة الجمعة ، وان قالت بحرمتها سجلت الحرمة. وبناء على هذا لا يتصور خطأ الامارة للواقع ، اذ ليس للواقع وجود بقطع النظر عنها حتى تصيبه مرة وتخطئه اخرى ، بل هي المولّدة له (١).
وهذا الشكل واضح البطلان ، فان الواقع ما دام لا يشتمل على حكم فالامارة تكون امارة ومرشدة الى ماذا؟
ب ـ ان يفرض اشتمال الواقع على احكام مشتركة بين الجميع ، بيد ان الامارة بعد الاخذ بها اذا كانت مطابقة للواقع بقي الواقع على ما هو على ، وان لم تطابقه زال وتسجّل بدله الحكم الذي ادت اليه الامارة ، وبناء على هذا الشكل لا يمكن خطأ الامارة ايضا لان المفروض تبدل الواقع وتسجيل مضمون الامارة عند عدم اصابتها.
والتصويب بهذا الشكل وان كان في نفسه معقولا ولا يسجّل عليه ما سجّل على الشكل السابق لكنه غير مقبول ، اذ بناء عليه لا يوجد حكم واحد مشترك بين الجميع ، فمن كانت امارته مخطئة يكون الحكم في حقه مغايرا لمن لم تكن امارته مخطئة. وعدم الاشتراك في حكم واحد باطل لوجهين سبق وان اشرنا لهما :
١ ـ ان عدم الاشتراك مخالف لظاهر ادلة الاحكام حيث انها تقتضي بمقتضى اطلاقها اشتراك الاحكام بين جميع الناس.
__________________
(١) ولوضوح بطلانه ينقل صاحب المعالم في كتابه ان كل واحدة من فرقتي الاشاعرة والمعتزلة تبرأت منه ونسبته الى الفرقة الاخرى.