٢ ـ ان عقلنا لو حكم بقاعدة « قبح العقاب بلا بيان » فهو لا يحكم بها الاّ في خصوص الاحكام التي لا يعلم باهتمام المولى بها على تقدير ثبوتها واقعا ، اما اذا كان الحكم الذي يشك في ثبوته واقعا مما يهتم به المولى على تقدير ثبوته فلا يحكم عقلنا منذ البداية بقبح العقاب عليه وان كان مشكوكا ، فمثلا لو شك المكلّف في امرأة معيّنة انها اخته او لا فلا يمكنه التزوج بها تطبيقا لقاعدة « قبح العقاب » ، فانها لو كانت اختا في الواقع فالشارع يحرّم العقد عليها ، والحرمة المذكورة على تقدير ثبوتها واقعا مما يهتم بها الشارع اهتماما بالغا.
وبعد هذا نقول : ان المولى اذا حكم بحجّية خبر الثقة فهذا معناه اهتمامه بالاحكام التي يدل عليها ـ فان الحجّية حكم ظاهري والحكم الظاهري يدل على الملاك الاهم ـ ومع اهتمامه بها تكون منجّزة ويستحق العقاب على مخالفتها وان لم يحصل العلم بها عن طريق الامارة ، ولا يلزم من ذلك تخصيص قاعدة « قبح العقاب » فان القاعدة المذكورة كما قلنا تختص منذ البداية بالاحكام المشكوكة التي لا يعلم باهتمام المولى بها على تقدير ثبوتها.
واما الاشكال من الناحية الثانية فهناك محاولتان للتخلّص منه :
الاولى : ان يلتزم بمسلك جعل الحكم المماثل فيقال : ان جعل خبر الثقة حجّة ليس معناه تنزيله منزلة القطع حتى يرد الاشكال السابق بل معناه جعل حكم ظاهري مماثل لما يقوله ، فاذا كان الثقة يقول : صلاة الجمعة واجبة فالشارع يجعل وجوبا ظاهريا لصلاة الجمعة ، واذا كان يقول العصير العنبي المغلي حرام فالشارع يجعل حرمة ظاهرية له وهلم جرّا.
وبناء على المسلك المذكور لا يحتاج الى وجود اثر شرعي فان ذلك مختص بباب التنزيل.