الشمس على رمح (١) ، إلى غير ذلك ممّا لو عدّدناه لأفضى بنا إلى الإسهاب ، والخروج عن موضوع الكتاب.
ولهذا إذا سمّي الشجاع أسدا سمّي صوته زئيرا ، وولده شبلا ، ومحلّه خيسا ، أو الجميلة ظبية سمّي صوتها بغاما ، وولدها خشفا ، ودارها كناسا ، بل لو خالف هذا النظام فقال :
« رأيت أسدا يتبعه طفله » أو « ظبية تحمل طفلها » لكان أدون في الفصاحة بمراتب من قوله : « رأيت أسدا يتبعه شبله » أو « ظبية تحمل خشفها » بل ربّما عدّ من مستبرد التعبير ، وسمج الكلام إلاّ أن تجبره جهات أخرى ، ولا وجه لجميع ذلك إلاّ أنّ المقصود منها المعاني الأصلية ، وهذا ظاهر لدى الخبير بحقائق فنّ البيان وصناعة البديع ، وكتابنا هذا موضوع في فن أصول الفقه لا في فنون البلاغة كي يتّسع لنا المجال في سرد الشواهد والأمثال ، ولكني لم أملك عنان القلم وما عليه جناح حتى أثبت قول ابن معتوق في محبوبته وقد روّعها الصباح :
وتنهدت جزعا فأثّر كفّها |
|
في صدرها فنظرت ما لم انظر |
أقلام ياقوت كتبن بعنبر |
|
بصحيفة البلّور خمسة أسطر |
نشدتك والإنصاف إلاّ نظرت إلى قوله : ونظرت ما لم انظر ، وتأمّلت في
__________________
الحامل والجوزهر من مصطلحات أهل الهيئة. انظر : مفاتيح العلوم : ٢٢٠ ، وكشّاف اصطلاحات الفنون ١ : ٣٥٦ و ٤٠٧.
(١) لقائل :
بدا وجهه من فوق أسمر قدّه |
|
وقد لاح من ليل الذوائب في جنح |
فقلت عجيبا كيف لم يذهب الدجى |
|
وقد طلعت شمس النهار على رمح |