ولصاحب المعالم أن يذكّره بالمثل السائر ( تشاركني في الفعل ، وتفردني بالتعجّب ).
هذا ، وحيث إنّ البحث في الدلالة اللفظية ضعيف للغاية ، فلا ينبغي أن يكون محطّا لأفكار أهل العلم إلاّ على وجه تعرفه إن شاء الله تعالى ، نبني الكلام على النمط الأول ، ونقول :
تخصيص العنوان بالواجب لأنه أهمّ قسمي طلب الفعل ، لا لاختصاص البحث به ، ضرورة أنّ الملازمة إن ثبتت تكون بين مطلق الطلب ومقدّماته ، وذلك ظاهر ، بل نقول : تثبت بين النهي عن الشيء وبين النهي عن مقدماته فتكون مقدمة الحرام محرّمة ، ولكنها تخالف مقدمة الواجب في أمر ، وهو أنّ الواجب يجب جميع مقدّماته من المعدّة والمقتضية والشرط وغيرها ، فتكون هناك عدّة واجبات بعدد المقدّمات ، أو وجوب واحد تنحلّ إليها ، كما يمرّ عليك تفصيله إن شاء الله ، بخلاف طلب الترك ، فإنه لا يجب بها إلاّ ترك إحدى المقدّمات لا بعينها.
والسرّ فيه إنّ الفعل في طرف الوجود يحتاج إلى جميع المقدمات ، إذ لا يوجد إلاّ بوجودها أجمع ، بخلافه في طلب الترك فانه يتحقّق بترك أحدها ، ولا يحتاج إلى ترك جميعها.
فاستبان من ذلك أنّ حرمة مقدّمات الترك للواجب ، وإن شئت قلت : لفعل الحرام ، حرمة تخييرية ، وللمكلّف أن يترك ما شاء من مقدّماتها ، بخلاف الواجب ، وأنه إن لم تبق إلاّ مقدّمة واحدة مقدورة إمّا لوجود جميعها أو خروج باقيها عن حيّز القدرة ، حرمت تلك عينا ، كما هو الشأن في كل واجب تخييري لم تبق من أفرادها المقدورة غير واحد.
وبهذا يظهر الوجه فيما حكم به سيّد (١) مشايخنا ـ أحسن الله في الجنان
__________________
(١) السيد حسن الشيرازي تلميذ شيخنا الأنصاري طاب ثراهما. ( مجد الدين ).