قام عند مجيئه ، فإنك تحكم بتحقق عنواني التقبيل والقيام بمجرّد حصولهما في الخارج ولا تحكم بأنه عظّم الرّجل أو خضع له إلاّ بعد معرفة قصده التعظيم.
وثانيهما : أنّ من الأفعال القصدية ما هي محققة لعناوينها بالطبع ، أو باتفاق الآراء عليه ، ولا يبعد أن تكون دلالة السجود على التعظيم من هذا القبيل.
ومنها ما يكون بالجعل ، ولذلك يختلف باختلاف الأمم ، وباختلاف المعظم فتحا وكسرا ، كالتعمّم عندنا لدى الرّجل العظيم تعظيما ، وكشف الرّأس ، ونزع القبعة (١) عند الإفرنج ، وكالجلوس ، أو القيام عندنا بين يدي العظيم ، والنوم عند أمة اليابان مثلا.
وبعد هذا ، نقول : إنّ العبادات أفعال قصديّة وهي ما يقصد بها الخضوع لله تعالى ، كما يدلّ عليه لفظ العبادة ، إذ العبادة لغة هي غاية الخضوع ، وأداء الشكر لله تعالى ، ومدحه بما هو أهل له ، وكان سيد أساتيذنا (٢) ـ طاب ثراه ـ يعبّر عنها بـ ( ستايش كردن ) (٣) وهي عبارة فارسية ذكرناها توضيحا للمقصود ، وتأسّيا به طاب ثراه.
وهذه العبادات منها ما هو من قبيل الأول كالسجود ، ومنها ما يتوقف العلم بكونه تعظيما وعبادة على تعريف الشارع كالصوم ، ويشترك القسمان في المعنى المتقدّم ، ولا معنى لتعبديّتهما إلاّ ما عرفت من حصول العبادة بها ، ولا معنى للعبادة إلاّ ما عرّفناك من الخضوع ونحوه من المعاني القريبة منه ، ولا فرق بينها وبين التوصّليّات إلاّ أنّ المقصود بها العبادة ، ومن التوصّليات أغراض أخر.
وإذا اتّضح هذا لديك ـ ولا أخاله يخفى بعد هذا البيان عليك ـ عرفت
__________________
(١) كندن كلاه فرنكي. ( مجد الدين ).
(٢) السيد حسن الشيرازي أعلى الله مقامه. ( مجد الدين ).
(٣) قال والدي العلاّمة : وكان سيّد أساتيذنا أيضا يعبّر عنها ( أي العبادة ) بـ ( كرنش كردن ) و ( پرستش كردن ). ( مجد الدين ).