لكي يأمر بنوع خاص منها ، كما أنّ الإطاعة ليست منوّعة للأمر ، فالآمر بالمقدّمة يأمر بها بغرض الإيصال ، لا بقيد الإيصال ، كما أنّ الآمر بالشيء يأمر به بغرض الإطاعة ، لا بقيد الإطاعة.
هذا وقد أورد عليه بوجوه قابلة للدفع.
منها : أنّ اللازم منه عدم حصول الطهارات الثلاث (١) إلاّ بعد إتيان الصلاة ، وهذا مع وضوح فساده ، يلزم منه عدم الصلاة أيضا ، إذ ( لا صلاة إلاّ بطهور ) (٢) فالصلاة ـ إذن ـ متوقفة على الطهور ، والطهور متوقف عليها ، وهذا هو الدور الصريح.
قلت : هذا الإيراد يبتنى على تفسير القربة بقصد الأمر ، وقد عرفت منعه سابقا ، وعلى فرضه فالطهارات الثلاث حتى التيمم مستحبّات في أنفسها ، أو واجبة ، فيكفي في حصولها قصد الأوامر النفسيّة المتعلّقة بها ، بل لا يعقل غير ذلك ، لما عرفت سابقا من عدم إمكان كون الأمر الغيري محرّكا نحو الفعل وداعيا إليه.
هذا ، على أنّ الاعتراض لا يتوجّه إلاّ على احتمال كون القيد نفس الإيصال ، وأما بناء على احتمال كونه الصفة المنتزعة منه كالتعقب ، فلا مساس لهذا الاعتراض به أصلا ، لأنّ الشرط على تقدير حصول الإيصال حاصل فعلا.
هذا ، على أنّ لمانع أن يمنع توقف الصلاة على امتثال الأمر المقدّمي بل يجعلها متوقفة على تلك الأفعال الخاصة كالغسلتين والمسحتين في الوضوء مع قصد الإيصال وإن لم يتوصّل به أصلا ، فتأمل (٣).
__________________
(١) الوضوء والغسل والتيمم. ( مجد الدين ).
(٢) التهذيب ٢ : ١٤٠ ـ ٥٤٥ ، من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٢ ـ ٦٧.
(٣) لعلّ وجه التأمّل أنّ ذلك يتمّ إذا كان المعتبر قصد الإيصال ، كما ذهب إليه في المعالم ، لا الإيصال الخارجي كما هو المطلوب. ( مجد الدين ).