الشرط فيتنجّز الأمر به ، كما يقوله رحمه الله في الترتّب بين الضّدين ، فتجب مقدّماته ، كما نقول بمثله في تلك المسألة ، ونحكم بوجوب مقدّمات الصلاة من الوضوء ، وتطهير البدن ، وتحصيل الساتر ، وغير ذلك على من علم من نفسه عصيان الأمر بالإزالة.
ولا بدّ للسيد الأستاذ من الالتزام بوجوب هذه المقدمات المتقدّمة ، لأنّ المقام من مصاديق الواجب الّذي علم بحصول شرطه فيما بعد ، فتؤثر الإرادة فيها ، ويجب بحكم العقل تحصيلها على مبناه الّذي سبق بيانه.
وممّا قررناه يظهر لك أنّ الحال في هذه المسألة كالحال في مسألة الترتّب بين الضدّين ، بل الأمر فيها أوضح من تلك ، وهي بالصّحة أحقّ وأجدر ، لأنّ الاغتراف الّذي هو شرط الوضوء مقدّم بحسب الزمان على أجزاء الواجب بخلاف صلاة المكلّف بالإزالة (١).
ومن ذلك كلّه يظهر الجواب عن الاعتراض الثاني ، أعني لزوم اجتماع الأمر والنهي ، ويزيده توضيحا ما حقّقه أخوه العلاّمة ـ الجدّ ـ من أنّ المقدّمة الوجوديّة إنما تكون واجبة إذا لم تكن مقدّمة الوجوب أيضا ، وأما إذا كانت مقدّمة لهما معا فلا تجب بالاتّفاق (٢).
أقول : والوجه في ذلك ظاهر ممّا عرفت سابقا من معنى مقدّمة الوجوب من أنه لا وجوب على تقدير عدم وجودها ، فوجوب إيجادها بوجوب الواجب دور صريح ، ومناقضة ظاهرة ، ومستلزم لخروج الواجب المشروط عن كونه مشروطا وانقلابه إلى الواجب المطلق.
ومن الغريب خفاء هذا الواضح على مثل الأستاذ صاحب البدائع ، حيث زعم أنّ سبب عدم وجوب المقدّمة الوجوبيّة عدم وجود المقتضي للوجوب ،
__________________
(١) أي المكلّف بإزالة النجاسة عن المسجد.
(٢) انظر : هداية المسترشدين : ١٩٨.