الخلاص عن مضيقته بكونه بالاختيار ، ولات حين مناص ، وقد عرفت أنّ في الترتّب الّذي قرّرناه لا اجتماع أصلا ، فلا أمر بالمهمّ مع وجود الأهم ، ولا بالأهمّ إذا وجب المهمّ.
وأما ما ذكره في الجواب من أنّ مناط الاستحالة هو طلب المحال فهو حقّ بلا ارتياب ، ولكن أين المحال؟ وقد عرفت بواضح البيان أنّه بمكان من الإمكان.
ثم إنّ الشرط في الأمر المهم ـ كما عرفت ـ هو العصيان المقارن ، فما وقع في كلامه من احتمال أنّ الشرط المعصية المتأخرة أو العزم عليها ، فقول لا يقول به المحقّقون من أهل هذا المذهب وستعرف قريبا ـ إن شاء الله ـ الوجه في تعبير بعضهم بالعزم على المعصية.
ومنه يظهر الجواب عن قوله : « وإلاّ لصح فيما علّق على أمر اختياري في عرض واحد » فإنه يرد على من يسلّم الاجتماع.
وببالي أنّه رحمه الله كان يمثله بقول الآمر : إن صعدت إلى السطح فطر إلى السماء. وأنت تعلم بما بين الأمرين من الفرق ، إذ الاختيار في الأمرين المترتّبين باق للمكلّف إلى آخر جزء من العبادة ، وله في كل آن أن يشتغل بإتيان الأهمّ ، ولا يكون الخطاب بالضدّ متوجّها إليه أصلا ، وأين هذا من هذا المثال الّذي مقتضاه توجّه الأمر المطلق الفعلي بالمحال بعد الصعود؟
وبالجملة الّذي يظهر من كلامه في هذا الكتاب ، وفيما علّقه على رسائل الشيخ الأعظم ، وممّا سمعنا منه في مجلس الدرس أنّه يرى الفرق بين الترتّب وسائر أقسام التكليف بالمحال منحصرا في وجود المندوحة وعدمها فقط ، ولذا قال بعد ذلك :