وأما الثاني فهو وإن كان عندنا من واضحات علم المعقول ، لكن لا يساعد عليه أكثر المخالفين في المسألة إن لم يكن كلّهم ، فيبتني الاستدلال على تقدير ثبوته ، ولنا أن نقرّر الدليل بوجه لا يبتني على هذا الأصل » (١).
وأخذ بعد ذلك في بيان الدليل على هذا الوجه ، وقرّر بعده الدليل هذا بتقرير آخر على كلّ من الوجهين ، وقال بعده :
« ولا يذهب عليك أنه يمكن إجراء الدليل على الوجه الأول باعتبار الإيجاد أيضا ـ وقال بعد بيانه ـ وكذا يمكن إجراؤه على الوجه الثاني باعتبار الجعل أيضا » (٢) إلى آخره.
وبأول النّظر تعلم أنه لم يجعل أصالة الوجود مبنى مسألة الاجتماع ، بل أحد الدليلين بأحد تقريريه ، وحكم بعده بإمكان إجرائه على القولين باعتبار الإيجاد أو الجعل.
نشدتك والإنصاف أين هذا ممّا قرنه به هذا الأستاذ ومتابعوه من بناء أصل المسألة عليها؟ اللهم غفرا.
ولو أنه كان قد كتب كتابا في إثبات الصانع وذكر فيه الف دليل عليه ، وقال : إنّ الدليل السابع ببعض تقاديره يبتني على وجود الفلك التاسع. لقال المولعون بالاعتراض عليه : إنّ صاحب الفصول يقول بتوقف إثبات الصانع على وجود الفلك التاسع ، والحمد لله الّذي صرفه عن ذلك ، فسلم عن الاعتراض ، وسقط عنّا الدفاع.
ثم إنّه ـ كما علمت ـ جعل الدليل الأول مبتنيا على أصلين ، هذا ثانيهما ، ولا أدري ما السبب في تخصيصه لعنوان الاعتراض دون مسألة التمايز ، فهلا قالوا : إنّ صاحب الفصول يرى ابتناء مسألة الاجتماع عليها أيضا.
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ١٢٥ ـ ١٢٦.
(٢) الفصول الغرويّة : ١٢٦.