الحمل أيضا ، ولا يعقل اتّحادهما ، لأنه على فرضه إمّا أن يكون منفصلا بكلا الفصلين ، أو بأحدهما ، أو بفصل ثالث ، ويلزم من الأول تفصّل الجنس بفصلين عرضيّين ، وهو محال لما تقرّر في محلّه ، ومن الثاني الترجيح بلا مرجّح ، ومن الثالث وجود ثالث للمركّب وهو محال أيضا ، لما هو المقرّر في فنّه من تباين المقولات ، وعدم كون المركّب من بعضها مع بعض مقولة أخرى ، وإلاّ لزم عدم انحصارها في عدد معيّن تسع أو غيره ، فلا مناص عن الحكم بتعدّدها ، غاية الأمر كونهما موجودين بوجود واحد.
ولا غضاضة لو قلت : ويوجدان بإيجاد واحد ، وليس ببدع من الأمر ، أليس الماتح بدلوين يوجد صعود إحداهما ونزول الأخرى بحركة واحدة أو بتحريك واحد؟ وموقد النار بالحطب الرطب يوجدها مع الدخان بإيقاد واحد ، فلا فرق من هذه الجهة بين وجودهما بوجود واحد أو بوجودين.
والأستاذ في كتابيه وفي مجلس الدرس بنى عمدة مذهبه ـ أعني الامتناع ـ على أنّ متعلّق الأحكام إنما هو الأفعال بهويّاتها وحقائقها ، لا بأسمائها وعناوينها المنتزعة عنها (١).
ولا أدري ـ وإن أطال في بيانه ـ ما الّذي أراد من تعدّد الأسماء ، فإن أراد الألفاظ المترادفة أو ما كان من بابها فذلك أوضح من أن يحتاج إلى بيان ، ولا يذهب عاقل إلى تعدّد الشيء الواحد إذا سمّي بأسماء متعدّدة.
ولا من العناوين (٢) ، فإن أراد عدم تعدّد الذات باختلاف المبادئ المتصفة بها ، والمشتقات الطارئة عليها ، فهو واضح كسابقه ، بداهة أنّ زيدا لا يختلف حقيقته وهويّته بتعدد العناوين الطارئة عليه من العلم والمال والجمال ، فالعالم حقيقة هو الجميل ، والجميل حقيقة هو ذو مال.
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٥٨ ، فوائد الأصول : ١٤٩.
(٢) عطف على قوله : ولا أدري ما الّذي أراد.