وإذا تأمّلتها وجدت منها : ما لا يقبل التعدّد ، ولا الشدّة والضعف ، ومنها : ما يقبلهما معا ، ومنها : ما يقبل الأول دون الثاني ، ومنها : ما يقبل الثاني فقط كالقتل والضرب والنّظر إلى الشيء وصبغ الثوب.
فالمسبّبات الشرعية إن كانت من قبيل الأول ، فلا شك أنّ الأثر للسبب المتقدّم ، والأسباب اللاّحقة لا أثر لها لعدم إمكان حصول الشيء الواحد مرّتين.
وإذا كانت من قبيل الثاني ، فمقتضى القاعدة تأثير الجميع كيفيّة وعددا ، كما هو الحال في القسم الثالث بحسب التعدّد ، وفي الرابع بحسب الكيفيّة.
فإذا اجتمعت أسباب القتل فالأثر للسبب الأول ، ولا تأثير للأسباب اللاّحقة بمقتضى القاعدة ، بخلاف التعزير بالسوط ، فإنه يتعدّد بتعدّد الأسباب وتؤثّر في الشدّة لو فرض اختلاف أقسامه فيها.
ولا بد في الرابع من تأثير ذي الأثر الزائد ولو تأخّر وجوده.
وعلى ذلك إذا تعدّدت أسباب غسل الجنابة ، فالمؤثّر الجنابة الأولى ولا تأثير لغيرها إلاّ إذا كانت ذات أثر زائد كنجاسة العرق في الحاصلة عن الحرام ، فهو كأسباب النجاسة الخبثيّة لا يتعدّد إلاّ إذا كان أحد أسبابها الولوغ مثلا.
ويمكن أن يكون كذلك مع الحدث الأصغر ولهذا يرتفع بالغسل إذا الرافع للشديد رافع للضعيف.
وهذه أمور محتملة في مقام الثبوت ، وتعيين أحدها في مقام الإثبات وظيفة الدليل ، ومع الشك فالمرجع البراءة إذ الشك في تأثير الزائد ، كما أنّ الأصل الاشتغال بعد قيام الدليل على التأثير ، والشك في ارتفاع الجميع بفعل واحد.
وهذا ما يعبّر عنه بتداخل المسبّبات ، والبحث عن ذلك خارج عن المقام ، وتعرف تفصيله ـ إن شاء الله ـ في مسألة مفهوم الشرط ، وقد جرت العادة على التعرض له هناك.
والفرض أن جميع ذلك بمعزل عمّا يرومه المستدلّ ، ولو ثبت بالدليل