من المقرّر الّذي جرى عليه الاصطلاح ، أنّ الظنّ المطلق هو ما تثبت حجّيته بدليل الانسداد من غير أن تكون خصوصية فيه للخبر أو لغيره ، ويقابله الظنّ الخاصّ ، وهو ما تثبت حجّيته بغيره ، وكلّ من سلّم دليل الانسداد ، وقال بحجّية الخبر وغيره من أجله ، فهو قائل بالظن المطلق ، وكلّ من رأي خصوصيّة لأحد الظنون ، واستدلّ على حجّيته بغيره ، فهو قائل بالظنّ الخاصّ.
وعليه بنى الشيخ الأعظم ـ طاب ثراه ـ رسالته ، فراجع كلامه في أوائل مسألة الظن (١) ، وفي أول حجّية خبر الواحد (٢) ، وفي مسألة حجّية قول اللغوي (٣) ، وموارد أخرى ، وصرّح به العلاّمة ـ الجدّ ـ أيضا ، فقال في أثناء بيان الوجه السادس ما لفظه :
« وليس يعني بالظنّ الخاصّ إلاّ ما يكون حجّيته ثابتة بالخصوص » (٤).
فكيف يكون القول بخصوص الكتاب والسنّة قولا بالظنّ المطلق أم كيف يكون الدليل الّذي يستدلّ به على بطلان دليل الانسداد بيانا لنتيجته؟ انقلبت القوس ركوة ، وقضى ناموس التحوّل على إبطال دليل الانسداد أن يكون بيانا لنتيجته.
هذا ، والعلاّمة ـ الجدّ ـ يوافق الشيخ ومتابعيه في عموم نتيجة هذا الدليل إن تمّت المقدّمات التي بنيت عليه ، وقد ذكر هذه الوجوه الثلاثة التي ذكرها بناء على الظنّ المطلق ، وجعل التعميم أظهرها ، فقال ما لفظه :
« ثم إنّه يقوم في كلّ من القولين ( الظن المطلق والخاصّ ) وجهان ، فيحتمل أن يراد من حجّية الظنّ مطلقا كون الحجّة بعد انسداد سبيل العلم
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣٠.
(٢) فرائد الأصول : ٦٦.
(٣) فرائد الأصول : ٣٤.
(٤) هداية المسترشدين : ٣٩٨.