التكليف معه ، بل يستقلّ حينئذ بعدم كون غير العلم طريقا في الظاهر ، وبسقوط التكليف ما لم يقم على حجّية غير العلم قاطع سمعي أو واقعي [ أو ظاهري ] (١) معتبر مطلقا ، أو عند انسداد باب العلم إلى الدليل مع حصوله ... ثم إن [ دلّ ] (٢) الدليل السمعي بأحد أنواعه على حجّية طريق مطلقا كان في مرتبة العلم مطلقا ، فيجوز التعويل عليه ولو مع إمكان تحصيل العلم في تلك الواقعة ، وإن دلّ على حجّيته عند تعذّر العلم لم يجز التعويل عليه إلاّ عند تعذّره ، فيقدّم عليه العمل بالعلم وبما دلّ الدليل السمعي على قيامه مقامه مطلقا مع تيسّره ، وأما إذا انتفى الجميع ، وعلم ببقاء التكليف معه ثبت بحكم العقل وجوب العمل بالظن الّذي لا دليل على عدم حجّيته ، ثم الأقرب إليه ، وهذه مرتبة ثالثة متوقّفة على تعذّر المرتبتين المتقدّمتين ـ إلى أن قال ـ فاتّضح أنّ للطريق ثلاث مراتب لا يعوّل على اللاحقة منها إلاّ بعد تعذّر السابقة » (٣).
وكيف ينسب إليه مع هذا التصريح تقييد الأحكام الواقعية بالطرق أو صرفها إليها على نحو يوجب التصويب المحال أو المجمع على بطلانه ، كما لا يزال يلهج به المعترضون!؟.
ومن نظر في سائر ما أورده يجد مواضع أخرى شاهدة ببراءته عنه ، ويكفي لها تنظير المقام بمسألة القضاء ، قال في أثناء الردّ على التقرير المشهور لدليل الانسداد وإبطال الظنّ المطلق ما لفظه :
« وبالجملة ، فعلمنا بأنّا مكلّفون بالأحكام المقرّرة في الشريعة عند تعذّر طريق العلم والطريق العلمي إليها لا يفتح لنا باب الظنّ إليها بعد علمنا بنصب طرق مخصوصة إليها.
__________________
(١) زيادة من المصدر.
(٢) زيادة من المصدر.
(٣) الفصول الغرويّة : ٢٧٨.