فيكون ذلك إظهار كرامةٍ وجاهٍ لهم عنده ، لا إحداث تأثير الحادث في صفات القديم وسلطانٍ له عليها ، تعالى الله عن ذلك . انتهى .
ومفاد هذه الشبهة أن القول بالشفاعة الحقيقية يستلزم أن تكون إرادة الخالق متأثرة بإرادة المخلوق ، وهو محال ، فلا بد من القول بأن الشفاعة شكلية ! !
وكذلك القول بتعليق بعض أفعاله تعالى على طلب أنبيائه وأوليائه منه ، مثل الرزق ، والشفاء ، والمغفرة ، والنجاة من النار وإدخال الجنة . . لا بد أن يكون شكلياً ، لأن الحقيقي منه محال .
والجواب عنها : أن أصحاب هذه الشبهة أخطأوا في تخيلهم أن تعليق الله تعالى لمغفرته أو عطائه على طلب مخلوقٍ ، معناه تأثير المخلوق في إرادته سبحانه وتعالى ! فإن تعليق الإرادة على شىء ممكنٌ بالوجدان ، ولا محذور فيه ، لأنه بذاته فعلٌ إرادي وتأكيدٌ للإرادة لا سلبها ، أو جعلها متأثرة بفعل آخر ، أو شىء آخر . . لقد تصور هؤلاء أن الشفاعة من الله ، إذا أعطيت لأحدٍ تصير شفاعةً من دون الله تعالى ، فوقعوا في هذه الشبهة !
أما إذا قالوا إن ذلك ممكنٌ ولكن الله تعالى لا يفعله لأنه لا يجوز له ، فلا دليل لهم عليه من عقلٍ ، ولا قول الله تعالى ولا قول رسوله صلىاللهعليهوآله .
وإن كانوا يمنعونه من عند أنفسهم ، فهو تعدٍّ على الله تعالى ، وتحديدٌ لصلاحيات من لا يسأل عما يفعل ، وهم يسألون !
ثم إن اللغة تأبى عليهم ما قالوه ، فآيات الشفاعة وأحاديثها ظاهرة في الشفاعة الحقيقية لا الشكلية ، ولا يمكنهم صرفها عن ظاهرها !
والشبهة الثانية حول الإستشفاع بالنبي وآله صلىاللهعليهوآله ، وهي الشبهة التي يكررها ابن تيمية والوهابيون ، وهي غير شبهة الشفاعة وإن كانت مرتبطة بها .
ومفادها أن طلب الشفاعة حتى ممن ثبت أن الله تعالى أعطاهم إياها حرامٌ ، لأنه شركٌ بالله ، وادعاءٌ لهؤلاء المخلوقين بأنهم يملكون الشفاعة من دون الله تعالى ! !