كهذه ، فيوسط له من يحل مشكلته معه ممن لا يرد هذا المحسن طلبهم ولا يخيب مسألتهم . .
ب ـ إن الله إنما يريد المغفرة للعبد المذنب بعد شفاعة الشفيع له . . ولم تكن تلك الإرادة لتتعلق بالمغفرة لولا تحقق الشفاعة . . فلو أن الشفيع لم يبادر إلى الشفاعة لكان العذاب قد نال ذلك العبد المذنب .
وهذا كما لو صدر من أحد أولادك ذنب فتبادر إلى عقوبته ، فإذا وقف في وجهك من يعز عليك وتشفع به فإنك تعفو عنه إكراماً له ، وإن لم يفعل ذلك كما لو لم يكن حاضراً مثلاً فإنك ستمضي عقوبتك في ذلك الولد المذنب لا محالة . . فالشفاعة على هذا سبب في العفو أو جزء سببه له .
إذن فليس صحيحاً ما يقوله البعض من أن الله تعالى له قد تعلقت إرادته بالمغفرة للعبد قبل الشفاعة بحيث تكون المغفرة له حاصلة على كل حال ، ثم يكرم الله نبيه ويقول له : هذا العبد أريد أن أغفر له فتعال وتشفع إلي فيه . .
ج ـ إذا كان الشخص المذنب قد أقام علاقة طيبة مع ذلك الشافع وتودد إليه ورأى منه سلوكاً حسناً واستقامة وانقياداً ، فإن الشافع يرى أن من اللائق المبادرة إلى مساعدته في حل مشكلته أما إذا كان قد أغضبه وأساء إليه أو تعامل معه بصورة لا توحي بالثقة ولا تشير إلى الإستقامة ، فإنه لا يبادر إلى مساعدته ولا يلتفت إليه . . فسلوك المشفوع له أثر كبير في مبادرة الشافع إلى الشفاعة .
د ـ
وحين يكون الشفيع لا يريد شيئاً لنفسه من ذلك الشخص ولا من غيره ويكون ما يرضيه هو ما يرضي الله سبحانه فإن تقديم الصدقات والقربات للفقراء والإهتمام بما يرضى الشافع ، هو في الواقع إثباتات عملية على أن ذلك المذنب راغبٌ في تصحيح خطئه وتدارك ما فاته ، وهو براهين وإثباتات على أنه قد التزم جادة الإستقامة وندم على ما فرط منه ، فإذا قدم مالاً للفقراء أو أطعم أو ذبح شاة
وفرقها على المحتاجين ، فإن ذلك لا يكون رشوةً للنبي أو الولي . . وهو يعلم أن النبي