ولو أردنا مواصلة بحث ملف ضياع النبي المزعوم ، والنداء المزعوم ، لوجدنا فيها تناقضات أخرى توجب سقوط أصل القصة عن الصلاحية لإثبات حكم شرعي عادي ، فكيف تصلح لإثبات عقيدة خطيرة ، أخطر من مذهب المرجئة ؟ ! لأن المرجئة يشترطون لدخول الجنة الشهادتين ، وهذه القصة تلغي الشهادة الثانية ! !
سابعاً : توجد روايات تناقض هذا الرأي عن الخليفة عمر نفسه وتقول إن الذي يسرق عباءة من الغنائم يحرم من دخول الجنة ، حتى لو كان السارق مسلماً واستشهد في سبيل الله تعالى ! وتقول إن النبي صلىاللهعليهوآله قد أمر عمر أن ينادي بنداء مضاد لما ذكرته قصة ضياع النبي صلىاللهعليهوآله ونداء النعلين ! !
فقد روى أحمد في مسنده ج ١ ص ٣٠ وص ٤٧ عن عمر بن الخطاب رضياللهعنه قال لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : فلان شهيد فلان شهيد ، حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة ! ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بن الخطاب إذهب فناد في الناس إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون قال : فخرجت فناديت : ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون . انتهى .
فإذا كانت سرقة عباءة تمنع صاحبها ( الشهيد ) من دخول الجنة ، فكيف تكون شهادة ( لا إلۤه إلا الله ) وحدها بدون عمل كافية لدخول الجنة ؟ !
وإذا كان النبي صلىاللهعليهوآله قد أمر عمر بهذا النداء ، فكيف أمر عمر نفسه أو غيره بنداء مناقض له ؟ ! وكيف لم يعترض عليه عمر وهو المعروف بكثرة اعتراضاته ؟ !
ثم إن قصة سارق العباءة والنداء بشرط الايمان والعمل الصالح ، كانتا في خيبر ، وهذه ظاهرة تحديد في الرواية توجب نوعاً من الثقة ، ولكنك لا تجد في قصة ضياع النبي صلىاللهعليهوآله والنداء المضاد المزعومين شيئاً من التحديد ، لا اسم الغزوة ، ولا اسم البستان ، بل لا تجد إلا مجملاً في مجمل ، وتناقضاً بعد تناقض !