بل ثبت عندنا أن كل مواقفه وأعماله كانت بعهد ووصية من النبي صلىاللهعليهوآله .
وعلى فرض تسليمنا ما يراه البخاري ، فالسؤال موجهٌ اليه : ما دام الذي جرَّأَ علياً عليهالسلام على سفك دماء المسلمين بزعمك ، أنه رفع القلم عن أهل بدر ، وأن علياً عليهالسلام معذورٌ لذلك !
فما هو عذر عدوه معاوية في خروجه على الخليفة الشرعي وقتاله إياه وسفكه لدماء المسلمين ؟
وما عذرك في الدفاع عن معاوية وتوثيقه والرواية عنه ؟
إلا أن يكون البخاري قد عدَّ معاوية بدرياً لأنه شهدها مع أبيه أبي سفيان في صف المشركين ! !
ومن أشرف المواقف السنية في هذا الموضوع موقف الحافظ ابن الجوزي ، حيث رد مقولة المغفرة المطلقة لأهل بدر ، وفسرها بأنها مغفرة ما مضى من ذنوبهم لا ما سيأتي ، ثم رد على رواية البخاري بقوله :
ثم دعنا من معنى الحديث ، كيف يحل لمسلم أن يظن في أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فعل ما لا يجوز اعتماداً منه على أنه سيغفر له ؟ ! حوشي من هذا ، وإنما قاتل بالدليل المضطر له الى القتال ، فكان على الحق ، ولا يختلف العلماء أن علياً لم يقاتل أحداً إلا والحق مع علي ، كيف وقد قال رسول الله ( ص ) : اللهم أدر الحق معه كيفما دار ! فقد غلط أبو عبد الرحمن غلطاً قبيحاً ، حمله عليه أنه كان عثمانياً ! انتهى . ( الصحيح في السيرة ج ٥ ص ١٤١ عن صيد الخاطر ص ٣٨٥ )
* *
وينبغي أن نشير أولاً
إلى أن ما رووه من قول النبي صلىاللهعليهوآله ( لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفرت لكم ) معناه القطع بذلك وليس الإحتمال والرجاء . . فعلى هذا تعامل العلماء السنيون مع الحديث ، وقد صرح بالقطع واليقين حديث آخر رواه الحاكم وصححه قال في
المستدرك ج ٤