بالسواد ، وأخرى تقول بالكتم والوسم الأصفر . . . !
واختلفت رواياتهم في أن النبي صلىاللهعليهوآله هل صبع شيبه أم لا ، فروايةٌ تقول إنه صبغه بالحناء ، ولكنهم رجحوا أخرى تقول لم يدركه الشيب إلا شعرات قليلة ولم يصبغها ،
ـ قال مسلم في صحيحه ج ٧ ص ٨٤ و ٨٥ : قال سئل أنس بن مالك عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه فعلت وقال : لم يختضب وقد اختضب أبو بكر وعمر بالحناء والكتم واختضب عمر بالحناء بحتا . انتهى .
ـ وقد روى الجميع خضاب أبي بكر وعمر بالحناء والكتم كما في مسند أحمد ج ٣ ص ١٠٠ وج ٣ ص ١٠٨ وص ١٦٠ وص ١٧٨
ولكن تحير أصحاب الصحاح كان على مستوى الرواية فقط ، أما الرأي السائد المتبع عندهم فهو النهي المشدد عن الخضاب بالسواد ، لأنه رأي الدولة من زمن أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية . . إلى آخر الخلافة الأموية !
ولذا جعل النسائي عنوان المسألة : النهي عن الخضاب بالسواد وقال في ج ٨ ص ٣٨
عن ابن عباس رفعه أنه قال : قوم يخضبون بهذا السواد آخر الزمان كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة .
عن أبي الزبير عن جابر قال أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ، ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد . . . ثم قال النسائي : والناس في ذلك مختلفون ، والله تعالى أعلم ، لعل المراد الخالص ، وفيه أن الخضاب بالسواد حرامٌ أو مكروهٌ ، وللعلماء فيه كلام ، وقد مال بعض إلى جوازه للغزاة ، ليكون أهيب في عين العدو ، والله تعالى أعلم .
أما الفقهاء فقد قننوا المسألة وأعطوها صيغتها الشرعية ، وأجمعوا على ذم الخضاب بالسواد ، ذمَّ تحريمٍ ، وربما وجد فيهم نادرٌ يقول بأنه ذم تنزيه !