فهم يضعون العقيدة فوق العمل .
وكانت آراؤهم تتفق تماماً مع رجال البلاط الأموي ومن يلوذ به ، بحيث لا يستطيع أحد من الشيعيين أو الخوارج أن يعيش بينهم ، في الوقت الذي تمكن فيه المسيحيون وغيرهم من المسلمين أن ينالوا الحظوة لديهم ، أو يشغلوا المناصب العالية ! . انتهى .
ويمكنك ملاحظة التناقض بين ما ذكره الدكتور والمستشرقون عن تقوى المرجئة وتحرجهم عن إدانة أي مسلم مهما كانت الذنوب التي اقترفها وحكمهم عليه بأنه من أهل الجنة بحكم عقيدتهم ، وبين تقواهم في أنهم كانوا يتعايشون مع الحكام الأمويين والنصارى واليهود ولا يتعايشون مع من خالفهم من المسلمين .
ولعل السبب في ذلك أن الحكام الأمويون أساتذتهم في عملية إسقاط المحرمات ، بينما اليهود والنصارى أساتذتهم في نظرية إسقاط المحرمات ! !
ثم قال الدكتور حسن إبراهيم :
وبزوال الدولة الأموية أفل نجم طائفة المرجئة ولم تصبح بعد حزباً مستقلاً ، ومع ذلك فقد ظهر من بينهم أبو حنيفة صاحب المذهب المشهور . انتهى .
ولكن حكمه بزوال المرجئة مع أسيادهم الأمويين غير دقيق ، لأنهم سقطوا سياسياً لا ثقافياً ، فقد بقيت أفكارهم ورواياتهم وعقائدهم في مصادر المسلمين . . ويكفي دليلاً على ذلك اتهام أبي حنيفة وغيره بأنهم منهم . . فإن خط المرجئة عاد إلى النفوذ والحكم بقرار من الدولة العباسية لكي تواجه به أهل البيت عليهمالسلام .
غاية الأمر أن اسمهم صار الأشعرية والحنابلة وأهل الحديث وأهل السنة ، فإن أكثرية هؤلاء من المرجئة !
ويكفي دليلاً على ذلك أن كبار علمائهم لا يستطيعون التفريق بين رأيهم في الشفاعة وبين رأي المرجئة ، وأن إطاعتهم للعباسيين كإطاعة المرجئة للأمويين !