يدعوني عند الكرب فأجيبه ، ثم يرجع إلى ما كان عليه ، فعليَّ يتمرد ؟ أم بسخطي يتعرض ! فبي حلفت لآخذنه أخذةً ليس له منها منجاً ولا دوني ملجأ ، أين يهرب من سمائي وأرضي ؟ !
يا عيسى ، قل لظلمة بني إسرائيل : لا تدعوني والسحت تحت أحضانكم ، والأصنام في بيوتكم ، فإني آليت أن أجيب من دعاني ، وأن أجعل إجابتي إياهم لعناً عليهم حتى يتفرقوا .
يا عيسى ، كم أطيل النظر ، وأحسن الطلب والقوم في غفلة لا يرجعون ، تخرج الكلمة من أفواههم لا تعيها قلوبهم ، يتعرضون لمقتي ويتحببون بقربي إلى المؤمنين .
يا عيسى ، لتكن في السر والعلانية واحداً ، وكذلك فليكن قلبك وبصرك ، واطو قلبك ولسانك عن المحارم ، وكف بصرك عما لا خير فيه ، فكم من ناظر نظرة قد زرعت في قلبه شهوة ، ووردت به موارد حياض الهلكة .
يا عيسى ، كن رحيماً مترحماً ، وكن كما تشاء أن يكون العباد لك ، وأكثر ذكر الموت ومفارقة الأهلين ، ولا تَلْهُ فإن اللهو يفسد صاحبه ، ولا تغفل فإن الغافل مني بعيد ، واذكرني بالصالحات حتى أذكرك .
يا عيسى ، تب إليَّ بعد الذنب ، وذكر بي الأوابين ، وآمن بي وتقرب بي إلى المؤمنين ، ومرهم يدعوني معك ، وإياك ودعوة المظلوم ، فإني آليت على نفسي أن أفتح لها باباً من السماء بالقبول ، وأن أجيبه ولو بعد حين .
يا عيسى ، إعلم أن صاحب السوء يُعدي ، وقرين السوء يردي ، واعلم من تقارن واختر لنفسك إخواناً من المؤمنين .
يا عيسى ، تب إلي ، فإني لا يتعاظمني ذنب أن أغفره ، وأنا أرحم الراحمين . إعمل لنفسك في مهلة من أجلك قبل أن لا يعمل لها غيرك ، واعبدني ليوم كألف سنة مما تعدون ، فيه أجزي بالحسنة أضعافها ، وإن السيئة توبق صاحبها ، فامهد لنفسك في مهلة ، ونافس في العمل الصالح ، فكم من مجلس قد نهض أهله وهم مجارون من النار .