الموضوعات والمحمولات التي دوّنت علماً واحداً وسميت باسم فارد ، يستحيل أن يكون المؤثر فيه هذه القضايا بهذه الصفة ، لاستلزامه تأثير الكثير بما هو كثير في الواحد بما هو واحد ، فإذن يكشف إنّاً عن أنّ المؤثر فيه جامع ذاتي وحداني بينها ، بقانون أنّ المؤثر في الواحد لا يكون إلاّ الواحد بالسنخ ، وهو موضوع العلم.
وبتعبير آخر : أنّ البرهان على اقتضاء وحدة الغرض لوحدة القضايا موضوعاً ومحمولاً ، ليس إلاّ أنّ الامور المتباينة لا تؤثِّر أثراً واحداً ، كما عليه جلّ الفلاسفة لولا كلّهم.
ويرد عليه أوّلاً : أنّ البرهان المزبور وإن سلّم في العلل الطبيعية لا في الفواعل الارادية ، إلاّ أنّ الغرض الذي يترتب على مسائل العلوم ، لا يخلو إمّا أن يكون واحداً شخصياً ، أو واحداً نوعياً ، أو عنوانياً ، وعلى أيّ تقدير لا تكشف وحدة الغرض عن وجود جامع ماهوي وحداني بين تلك المسائل.
أمّا على الأوّل ، فإنّه يترتب على مجموع المسائل من حيث المجموع ، لا على كل مسألة مسألة بحيالها واستقلالها ، فحينئذ المؤثر فيه المجموع من حيث هو ، فتكون كل مسألة جزء السبب لا تمامه ، نظير ما يترتب من الغرض الوحداني على المركبات الاعتبارية من الشرعية : كالصلاة ونحوها ، أو العرفية ، فانّ المؤثر فيه مجموع أجزاء المركّب بما هو ، لا كل جزء جزء منه ، ولذا لو انتفى أحد أجزائه انتفى هذا الغرض.
فوحدة الغرض بهذا النحو لاتكشف عن وجود جامع وحداني بينها بقاعدة استحالة صدور الواحد عن الكثير ، فان استناده إلى المجموع بما هو لا يكون مخالفاً لتلك القاعدة ليكشف عن وجود الجامع ، إذ سببية المجموع من حيث هو ، سببية واحدة شخصية ، فالاستناد إليه استناد معلول واحد شخصي إلى