فالنتيجة : أنّ تصوير الجامع على القول بالأعم بأحد هذين الوجهين بمكان من الامكان.
وعلى هذا الضوء يظهر أنّ للنزاع في مقام الاثبات مجالاً واسعاً.
وأمّا ما أفاده قدسسره من أنّه على البساطة لا يتصور الجامع بين المتلبس والمنقضي والواجد والفاقد ، فالأمر كما أفاده لو كان مفهوم المشتق بعينه هو مفهوم المبدأ ، وكان الفرق بينهما بالاعتبار واللحاظ ـ أي اعتباره لا بشرط وبشرط لا ـ إذ حينئذ كان الركن الوطيد هو المبدأ ، فإذا زال زال العنوان الاشتقاقي لا محالة ، إلاّ أنّ هذا القول باطل ، فان مفهوم المشتق كما سيأتي بيانه ليس بسيطاً ، وعلى تقدير أنّه كان بسيطاً فلا يكون عين مفهوم المبدأ ، بل هو مباين له ، هذا تمام الكلام في مقام الثبوت.
وأمّا الكلام في مقام الاثبات ، فلا ينبغي الشك في أنّ المشتق وضع للمتلبس بالمبدأ فعلاً ، ويدل على ذلك امور :
الأوّل : أنّ المتبادر من المشتقات والمرتكز منها عند أذهان العرف والعقلاء خصوص المتلبس لا الأعم ، وهذا المعنى وجداني لكل أهل لغة بالقياس إلى لغته ، فهم يفهمون من المشتقات عند إطلاقاتها واستعمالاتها المتلبس بالمبدأ فعلاً ، ولاتصدق عندهم إلاّمع فعلية التلبس والاتصاف ، وصدقها على المنقضي عنه المبدأ وإن أمكن ، إلاّ أنّه خلاف المتفاهم عرفاً ، فلا يصار إليه بلا قرينة.
وهذا التبادر والارتكاز غير مختص بلغة دون اخرى ، لما ذكرناه غير مرّة أنّ الهيئات في جميع اللغات وضعت لمعنى واحد على اختلافها باختلاف اللغات ، مثلاً هيئة ضارب في لغة العرب وضعت لعين المعنى الذي وضعت هيئة ( زننده ) في لغة الفرس له وهكذا. ومن هنا يفهم من تبادر عنده من كلمة ( زننده ) خصوص المتلبس أنّ كلمة ضارب أيضاً كذلك.