من دون فرق بينهما أصلاً.
وأمّا الدعوى الثانية : فلأنّ العقل يدرك ـ بمقتضى قضيّة العبودية والرقية ـ لزوم الخروج عن عهدة ما أمر به المولى ، ما لم ينصب قرينة على الترخيص في تركه ، فلو أمر بشيء ولم ينصب قرينةً على جواز تركه فهو يحكم بوجوب إتيانه في الخارج ، قضاء لحق العبودية وأداءً لوظيفة المولوية ، وتحصيلاً للأمن من العقوبة ، ولا نعني بالوجوب إلاّ إدراك العقل لابدّية الخروج عن عهدته فيما إذا لم يحرز من الداخل أو من الخارج ما يدل على جواز تركه.
الجهة الرابعة : في الطلب والارادة.
قد سبق منّا في الجهة الثالثة : أنّ الأمر موضوع للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفساني في الخارج ، فلا يدل على شيء ما عداه ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : تعرّض المحقق صاحب الكفاية قدسسره في المقام للبحث عن جهة اخرى ، وهي أنّ الطلب هل يتحد مع الارادة أو لا؟ فيه وجوه وأقوال. قد اختار قدسسره القول بالاتحاد ، وإليك نص مقولته :
فاعلم أنّ الحق كما عليه أهله وفاقاً للمعتزلة وخلافاً للاشاعرة ، هو اتحاد الطلب والارادة ، بمعنى أنّ لفظيهما موضوعان بازاء مفهوم واحد ، وما بازاء أحدهما في الخارج يكون بازاء الآخر ، والطلب المنشأ بلفظه أو بغيره عين الارادة الانشائية. وبالجملة هما متحدان مفهوماً وانشاءً وخارجاً ، لا أنّ الطلب الانشائي الذي هو المنصرف إليه إطلاقه ـ كما عرفت ـ متحد مع الارادة الحقيقية التي ينصرف إليها إطلاقها أيضاً ، ضرورة أنّ المغايرة بينهما أظهر من الشمس وأبين من الأمس.
فإذا عرفت المراد من حديث العينية والاتحاد ، ففي مراجعة الوجدان عند طلب شيء والأمر به حقيقةً كفاية ، فلا يحتاج إلى مزيد بيان وإقامة برهان ،