فانّ الانسان لا يجد غير الارادة القائمة بالنفس صفةً اخرى قائمة بها يكون هو الطلب غيرها ، سوى ما هو مقدّمة تحققها عند خطور الشيء والميل وهيجان الرغبة إليه ، والتصديق لفائدته ، وهو الجزم بدفع ما يوجب توقفه عن طلبه لأجلها.
وبالجملة لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة والارادة هناك صفة اخرى قائمة بها يكون هو الطلب ، فلا محيص إلاّعن اتحاد الارادة والطلب ، وأن يكون ذاك الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات في إرادة فعله بالمباشرة ، أو المستتبع لأمر عبيده به فيما لو أراده لا كذلك ، مسمى بالطلب والارادة ، كما يعبّر به تارةً ، وبها اخرى كما لا يخفى (١).
ما أفاده قدسسره يحتوي على عدّة نقاط :
١ ـ اتحاد الارادة الحقيقية مع الطلب الحقيقي.
٢ ـ اتحاد الارادة الانشائية مع الطلب الانشائي.
٣ ـ مغايرة الطلب الانشائي للطلب الحقيقي ، والارادة الانشائية للارادة الحقيقية ، ولم يبرهن قدسسره على هذه النقاط ، بل أحالها إلى الوجدان.
ولنأخذ بالنظر في هذه النقاط :
أمّا الاولى : فهي خاطئة جداً ، والسبب في ذلك : أنّ الارادة بواقعها الموضوعي من الصفات النفسانية ومن مقولة الكيف القائم بالأنفس. وأمّا الطلب فقد سبق أنّه من الأفعال الاختيارية الصادرة عن الانسان بالارادة والاختيار ، حيث إنّه عبارة عن التصدي نحو تحصيل شيء في الخارج ، ومن هنا لا يقال طالب الضالّة ، أو طالب العلم إلاّلمن تصدّى خارجاً لتحصيلهما ، وأمّا من اشتاق
__________________
(١) كفاية الاصول : ٦٥.