قيل بخروجها عن حريم النزاع ، ولكن قد تقدّم فساده (١). والصحيح هو أنّها داخلة فيه أيضاً. هذا تمام الكلام فيما يتعلق بالصحيح والأعم.
الاشتراك
الكلام فيه يقع من جهتين :
الاولى : في إمكان الاشتراك أو وجوبه أو امتناعه.
الثانية : في منشأ الاشتراك هل هو الوضع تعيينياً أو تعيناً أو شيء آخر؟
أمّا الكلام في الجهة الاولى : فذهب قوم إلى أنّ الاشتراك في اللغة واجب ، بتقريب أنّ الألفاظ والتراكيب المؤلّفة منها متناهية ، والمعاني الموجودة في الواقع ونفس الأمر غير متناهية ، فالحاجة إلى تفهيم المعاني جميعاً تستدعي لزوم الاشتراك لئلاّ يبقى معنى بلا لفظ دال عليه.
وقد أورد عليه المحقق صاحب الكفاية قدسسره (٢) بوجوه :
الأوّل : أنّ وضع الألفاظ بازاء المعاني غير المتناهية غير معقول ، لأنّه يستلزم أوضاعاً غير متناهية ، وصدورها من واضع متناه محال.
الثاني : أنّا لو سلّمنا إمكان ذلك كما إذا كان الواضع هو الله ( تبارك وتعالى ) إلاّ أنّه من الواضح أنّ الوضع مقدّمة للاستعمال ولابراز الحاجة والأغراض ، وهو من البشر لا منه ( تعالى وتقدس ) ، إذن وضع الألفاظ بازاء المعاني غير المتناهية يصبح لغواً محضاً ، لأنّه زائد على مقدار الحاجة إلى الاستعمالات المتناهية.
وعلى الجملة : فالواضع وإن فرض أنّ الله تعالى وهو قادر على أوضاع غير
__________________
(١) في ص ١٥٦.
(٢) كفاية الاصول : ٣٥.