إذن لا مناص لنا من الالتزام بأخذ الذات في المشتق ، ليصحّ الحمل في هذه الموارد ، وهذا بنفسه برهان على التركيب.
فالنتيجة من مجموع ما ذكرناه لحدّ الآن : أنّ أخذ مفهوم الذات في المشتق يمكن الوصول إليه من طرق أربعة :
١ ـ بطلان القول بالبساطة.
٢ ـ مطابقته للوجدان.
٣ ـ عدم إمكان تصحيح حمله على الذات بدون الأخذ.
٤ ـ عدم صحّة حمل وصف عنواني على وصف عنواني آخر بغيره.
ثمّ إنّ لشيخنا المحقق قدسسره في المقام كلاماً وحاصله : هو أنّه بعد ما اعترف بمغايرة المشتق ومبدئه وأنّ مفهوم المشتق قد اخذ فيه ما به يصح حمله على الذات ، ذكر أنّ المأخوذ فيه هو الأمر المبهم من جميع الجهات لمجرد تقوّم العنوان ، وليس من مفهوم الذات ، ولا من المفاهيم الخاصّة المندرجة تحتها في شيء ، بل هو مبهم من جهة انطباقه على المبدأ نفسه كما في قولنا : الوجود موجود أو البياض أبيض ، ومن جهة عدم انطباقه عليه كما في قولنا : زيد قائم (١).
وأنت خبير بأنّ الأمر المبهم القابل للانطباق على الواجب والممكن والممتنع لا محالة يكون عنواناً عاماً يدخل تحته جميع ذلك ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّا لا نجد في المفاهيم أوسع من مفهوم الشيء والذات. إذن لا محالة يكون المأخوذ في مفهوم المشتق هو مفهوم الذات والشيء وهو المراد من الأمر المبهم ، ضرورة أنّا لا نعقل له معنىً ما عدا هذا المفهوم.
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : ٢٢٠.