(٦)
نظريّة العلماء
مسألة العقاب
لا إشكال في صحّة عقاب العبد وحسنه على مخالفة المولى على ضوء نظريّتي الإمامية والمعتزلة ، حيث إنّ العقاب على ضوئهما عقاب على أمر اختياري ، ولا يكون عقاباً على أمر خارج عن الاختيار ليكون قبيحاً ، ومن الطبيعي أنّ العقل يستقل بحسن العقاب على أمر اختياري. وقد تقدّم أنّ العبد مختار في فعله في ضمن البحوث السالفة بشكل موسّع.
وأمّا على نظريّة الأشاعرة فيشكل عقاب العبيد على أفعالهم وكذلك على نظريّة الفلاسفة ، ضرورة أنّ العقاب على ضوء كلتا النظريتين عقاب على الأمر الخارج عن الاختيار ، ومن الطبيعي أنّ العقل قد استقلّ بقبح العقاب على ما هو الخارج عن الاختيار ، بل عندئذ لا فائدة لبعث الرسل وإنزال الكتب أصلاً ، حيث إنّ الكل بقضاء الله وقدره ، فما تعلّق قضاء الله بوجوده وجب وما تعلّق قضاء الله بعدمه امتنع ، فإذن ما فائدة الأمر والنهي. ومن هنا قد تصدّوا للجواب عن ذلك بوجوه.
الأوّل : ما عن صدر المتألهين وإليك نصّه : أمّا الأمر والنهي فوقوعهما أيضاً من القضاء والقدر ، وأمّا الثواب والعقاب فهما من لوازم الأفعال الواقعة بالقضاء ، فانّ الأغذية الرديئة كما أنّها أسباب للأمراض الجسمانية ، كذلك العقائد الفاسدة والأعمال الباطلة أسباب للأمراض النفسانية ، وكذلك في جانب الثواب (١).
__________________
(١) الأسفار ٦ : ٣٨٦.