وهذا الجواب غير مفيد ، والسبب في ذلك :
أوّلاً : أنّ الثواب والعقاب ليسا من لوازم أفعال العباد التي لا تنفك عنها ، بل هما فعلان اختياريان للمولى ، وإلاّ فلا معنى للشفاعة والغفران اللذين قد ثبتا بنص من الكتاب والسنّة.
وثانياً : أنّ أفعال العباد إذا كانت واقعة بقضاء الله تعالى فبطبيعة الحال هي خارجة عن اختيارهم ، ومن هنا قد صرّح بأنّ ما تعلّق به قضاء الله وجب ولا يعقل تخلّفه عنه. وعلى هذا فما فائدة بعث الرسل وإنزال الكتب والأمر والنهي.
وبكلمة اخرى : بهذا الجواب وإن كان تدفع مسألة قبح العقاب على أمر خارج عن الاختيار ، حيث إنّ تلك المسألة تقوم على أساس أنّ العقاب فعل اختياري للمولى ، فعندئذ لا محالة يكون قبيحاً. وأمّا لو كان من لوازم الأفعال القبيحة والعقائد الفاسدة فلا يعقل قبحه ، إلاّ أنّه لا يعالج مشكلة لزوم لغوية بعث الرسل وإنزال الكتب.
الثاني : ما عن أبي الحسن البصري (١) رئيس الأشاعرة والمجبّرة من أنّ الثواب والعقاب ليسا على فعل العبد الصادر منه في الخارج ، ليقال إنّه خارج عن اختياره ولا يستحق العقاب عليه ، بل إنّما هما على اكتساب العبد وكسبه بمقتضى الآية الكريمة ( الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ) (٢).
وهذا الجواب لا يرجع إلى معنىً محصّل أصلاً ، وذلك لأنّه إن أراد بالكسب
__________________
(١) كشف الفوائد ( مجموعة الرسائل للحلي ١ ) : ٦١.
(٢) غافر ٤٠ : ١٧.