والاكتساب كون العبد محلاً للفعل كالجسم الذي يكون محلاً للسواد مثلاً تارةً وللبياض اخرى ، فيردّه : أنّه لا يعالج مشكلة العقاب على أمر غير اختياري ، ضرورة أنّ كونه محلاً له ككون الجسم محلاً للسواد أو البياض أمر خارج عن اختياره فلا يعقل عقابه عليه.
هذا ، مضافاً إلى اختلاف الفعل في الخارج فلا يكون على نسبة واحدة ، حيث قد يكون قيامه بالفاعل قيام صدور وإيجاد ، وقد يكون قيامه به قيام الحال بالمحل ، وهذا الجواب لو تمّ فانّما يتم في خصوص ما كان قيام الفعل به قيام الحال بالمحل لا مطلقاً.
وإن أراد بهما الفعل الصادر من العبد باختياره وإعمال قدرته ، فهو يناقض التزامه بالجبر وأنّ العبد لا اختيار له.
وإن أراد بهما شيئاً آخر يغاير الفعل الخارجي ، فهو مضافاً إلى أنّه خلاف الوجدان ، ضرورة أنّه ليس هنا شيء آخر يصدر من العبد خارجاً ما عدا فعله ، ننقل الكلام فيه ونقول : إنّه لا يخلو من أن يكون صدوره منه باختياره أو لا يكون باختياره.
وعلى الأوّل فلا موجب للتفرقة بينه وبين الفعل والالتزام بأ نّه اختياري دونه ، وذلك لأنّ مقتضى الأدلة المتقدمة أنّه لا اختيار للعبد وهو بمنزلة الآلة فكل ما يصدر منه في الخارج يصدر في الحقيقة بارادة الله تعالى ومشيئته ، سواء أسمي فعلاً أم كسباً ، وعليه فكما أنّ الالتزام بكون الفعل اختيارياً يناقض مذهبه ، فكذلك الحال في الكسب فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً.
وعلى الثاني فما هو المصحح للعقاب إذا كان الكسب كالفعل يصدر بغير اختيار للعبد.
ومن ضوء هذا البيان يظهر أنّه لا وجه للاستشهاد على ذلك بالآية الكريمة ،