فالمتحصّل ممّا ذكرناه : هو أنّ صحة استعمال الحروف في موارد يستحيل فيها ثبوت أيّة نسبة خارجية كما في صفات الواجب تعالى وغيرها من دون لحاظ أيّة علاقة ، تكشف كشفاً يقيناً عن أنّ الحروف لم توضع لأنحاء النسب والروابط في الخارج.
ومن هنا يظهر : أنّ حكمة الوضع لا تدعو إلى وضع الحروف لتلك النسب ، وإنّما تدعو إلى وضعها لما يصح استعمالها فيه في جميع الموارد. فهذا القول لو تمّ فانّما يتم في خصوص الجواهر والأعراض ، وما يمكن فيه تحقق النسبة بمفاد هل البسيطة ، وأمّا في غير تلك الموارد فلا.
القول الخامس : ما عن بعض الأعاظم قدسسره من أنّ الحروف والأدوات وضعت للأعراض النسبية الإضافية كمقولة الأين والاضافة ونحوهما ، وملخّص ما أفاده قدسسره هو أنّ الموجود في الخارج على أنحاء ثلاثة :
النحو الأوّل : ما يكون وجوده وجوداً لنفسه كالجوهر بأصنافه.
النحو الثاني : ما يكون وجوده في نفسه وجوداً لغيره كالأعراض التسعة التي قد يعبّر عن وجودها بالوجود الرابطي ، وهي على طائفتين :
إحداهما : ما يحتاج في تحققه إلى موضوع واحد في الخارج ويستغنى به كالكم والكيف ونحوهما.
والثانية : ما يحتاج في تحققه إلى موضوعين ليتقوّم بهما كالعرض الأيني والاضافي وغير ذلك.
النحو الثالث : ما يكون وجوده لا في نفسه كأنحاء النسب والروابط.
وعلى ذلك فنقول : إنّ الحاجة دعت العقلاء إلى وضع الألفاظ التي تدور عليها الإفادة والاستفادة ، وبعد أن فحصنا وجدنا أنّهم وضعوا الأسماء للجواهر